للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم استقدام العمال للعمل عنده وعند غيره]

السؤال

هل يجوز استقدام العمال لغرض تقديم خدمات للمواطنين، ويكون الاتفاق مع العامل -مثلاً- بستمائة ريال في الشهر، ويشترط لدى من يعمل عنده تسعمائة أو أكثر؟

الجواب

قضية عمل العامل: الأصل في العمل أن الإنسان إذا استقدم العامل يستقدمه للعمل عنده، أو يستخدم لإقامة عمل عند الغير مبني على كفالته ووجاهته، فإذا كان العامل يقوم بعمل الإنسان في بيته، أو يقوم بعمل التزم به لغيره كبناء عمارة، أو بناء بيت، وجاء بعمال ليشتغلوا، فهذا لا إشكال ولا حرج في جوازه.

ويعتبر التعاقد مع العمال مندرج تحت عقد معروف في الفقه الإسلامي الذي هو عقد الإجارة، فحينئذٍ لا حرج، لكن يشترط أن تكون أجرة العامل معلومة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: (من استأجر أجيراً فليعلمه أجره) لا يقول له: سأرضيك، أو سنتفق فيما بعد يعني يجعله على غرر مثلما ذكرنا في البيع، لا، بل لابد من أن يكون على علم وبينة، حتى يكون الأمر لا غرر فيه ولا خلاف، وبناءً على هذا إذا حصل التعاقد على هذا الوجه فهو جائز ومشروع ولا حرج.

الحالة الثانية: أن يترك العامل يذهب ويعمل حيث أراد ثم يقول له: اعمل عند من شئت وأتني بمائة أو مائتين.

فهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وفيه أذية وإضرار؛ لأن الكفيل ما قام بعمل.

فلو قال قائل: الكفيل متحمل بكفالته، ويأخذ لقاء (الفيزة) أو الإقامة التي وفرها لهذا العامل.

فجواب هذا: أن (الفيزة) ليست ملكاً للكفيل، وإنما هي ملك للدولة، والدولة لا تأذن بهذا، ولا تأذن باستغلاله على هذا الوجه؛ لأنه يضر بمصالح الناس.

العامل إذا ألزمته بقيمة في الشهر ولم يجد عملاً ماذا يفعل، خاصة إذا كان عليه ديون، ربما اضطر إلى السرقة، ربما اضطر إلى الأمور التي تخل بشرفه وتخل بحقوق الناس، وربما يبالغ في أمور قد تنتهي به إلى ما لا يحمد عقباه.

فهذا النوع لا شك في حرمته: كونه يقول له: اذهب اشتغل عند من شئت، وأعطني كل شهر مائتين فهذا -نسأل الله السلامة والعافية- من الأمور المحرمة.

ومن باب العبرة: أذكر رجلاً كان قد أنعم الله عليه بالمال، ونسأل الله السلامة والعافية- فتح عملاً من هذا القبيل، ونُصح وذكر من بعض العلماء، وشاء الله عز وجل أنه أصر على ذلك العمل ولم يكف عما هو عليه، فنسأل الله السلامة والعافية ابتلي بالداء الخبيث -نسأل الله السلامة والعافية- فأنفق أمواله التي كان يأخذها من هؤلاء الضعفاء، حتى إنه خرج على الناس وهو مجنون نسأل الله السلامة!، كان في غنى وثراء ونعمة، فوالله العظيم إني لأعرفه، نسأل الله السلامة والعافية! نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه.