للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيف تنال محبة الله عز وجل]

السؤال

ما هي السبل الموصلة إلى محبة الله جل وعلا؟

الجواب

أعظم السبل وأجلها: كتاب الله عز وجل.

فمن أكثر تلاوة القرآن والتدبر في آياته فإنه سرعان ما يحب الله عز وجل، والله ما وجدت محبة الله في قلب الإنسان بشيء مثل التلذذ بكلام الله عز وجل، ولما كان الصحابة رضوان الله عليهم مع القرآن في الليل والنهار وجدوا حلاوته ووجدوا لذة المحبة لله عز وجل.

الأمر الثاني الذي يعين على حب الله: أن تحب الله من نعمه، وأن تنظر في صباحك ومسائك ما ترفل فيه من النعم.

انظر إلى هذه النعم المغدقة عليك في الصباح والمساء، يقول الأطباء: إن قلب الإنسان فيه نسبة من مادة لو زادت (١%) أو نقصت (١%) لسقط ميتاً من ساعته، فما هذا اللطف وما هذه الرحمة وما هذا العطف من الله عز وجل، فانظر إلى نعمة الله عليك، تمر على العباد فترى فيهم المريض، ترى فيهم المبتلى، والفقير والضعيف، والله عز وجل أغناك وكفاك وآتاك الصحة والعافية ومنَّاك، فكيف لا تحبه وأنت ترفل في نعمه؟!! سبحان الله! ولله المثل الأعلى، لو أن واحداً منا في يوم من الأيام احتاج إلى أمر بسيط من أمور الدنيا، فجاء رجل فقضى لك هذه الحاجة بعد أن ضاقت عليك الأرض، وأصبحت في شدة ماذا يكون؟ يأسرك بهذا المعروف، حتى إن بعضنا إذا جاء يجلس مع أولاده أول ما يتكلم يقول: فلان فعل معي كذا وكذا جزاه الله خيراً، إذا جلس مع جماعته: فلان فعل معي كذا وكذا جزاه الله خيراً، لكن هل جلست مع أولادك يوماً من الأيام تقول: كنت فقيراً فأغناني الله، وكنت ضعيفاً فقوَّاني الله، وكنت مريضاً فشفاني الله، هل أحد منا فعل هذا؟! فعليك أن تحب الله من هذه النعم التي ترفل فيها صباحاً ومساءً، فالبصر مثلاً، لو تعلم ما فيه من اللطف والرحمة من الله، إذ نوَّر لك هذا البصر لأحببت الله صدق المحبة.

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم ممن أحب الله صدق المحبة، وأن يورثنا هذه المحبة التي تعلقنا به وحده لا شريك له.

ولله المثل الأعلى، فكم تحب وتكن لوالديك من عطف وبر فإنه لا يأتي مثقال ذرة من عطف الله وبره بك.

فلذلك خير ما يوصى به الإنسان أن ينظر إلى نعم الله التي يرفل فيها صباح مساء، فإذا دخلت إلى بيتك تقول: الحمد لله إذا أكلت، الحمد لله إذا شربت، الحمد لله إذا قمت وإذا وقفت تقول: الحمد لله، وتتذكر من لا يستطيع الوقوف، إذا جلست تقول: الحمد لله وتتذكر من لا يستطيع الجلوس، إذا نمت تقول: الحمد لله الذي كفاني يومي حينما تتذكر المهموم والمغموم والمحروم، والله عز وجل أعطاك ما أعطاك، فتقول: يا رب لك الحمد، فتحبه صدق المحبة وتتعلق به جل جلاله.

العقل، من الذي حفظ لك نور العقل؟ من الذي حفظ لك نعمة العقل؟ وأنت ترى من فقد العقل ومن يعيش الآلام النفسية حائراً في فهمه وعقله، والله صان لك هذه النعمة.

فلذلك النعم تقود وتدل على محبة الله.

أيضاً: إجلال الله.

فإنك إذا نظرت إلى ملكوت الله وآياته المنثورة في الكون تحبه، فالشمس سخرها لك، والقمر والنجوم والأرض وكل خيرات هذه الأرض أغدقها الله عز وجل عليك، الطعام يقاد إليك على أمواج البحار، ولو شاء الله أن تلتقمه البحار لالتقمته، ويقاد إليك بين السماء والأرض بالطائرات من فجاج بعيدة، كتب الله لك رزق هذا الطعام الذي تطعم، فكيف لا تحبه؟! تقاد إليك الثمرات من المزارع والبساتين، وكتب الله أن عبدي فلاناً يطعمها في الساعة الفلانية واللحظة الفلانية، كل ذلك لماذا؟ من أجل أن تحبه، فكيف لا تحبه؟! يقود إليك هذه النعم والمنن والآلاء كي تقود قلبك وقالبك إليه جل جلاله، فلا ترفل بنعمة إلا ولسانك يلهج من صميم قلبك: اللهم لك الحمد الذي أنت أهله.

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا نحصي ثناءً عليك) أي: لا نستطيع أن نشكرك حق شكرك، ولا نستطيع أن نذكرك حق ذكرك، بماذا؟ بهذه النعم.

فنسأل الله العظيم أن يحيي قلوبنا وقلوبكم بهذا كله، وأن يرزقنا وإياكم حبه الصادق.

والله تعالى أعلم.