للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تذبذب اليقين]

السؤال

أنا رجل يرتفع يقيني بالله عز وجل تارة، ويقل أخرى، وهكذا دائماً تكون حالتي، وأنا رجل شيخ ممن يقوم الليل، ولكني لا أحس بحلاوة ما أفعل، ولا أبكي من خشية الله جل وعلا، فأرشدنا إلى سبب ذلك، بارك الله فيك؟

الجواب

أما ما ذكرت من اختلاف قلبك بالإقبال والإدبار، فهذا من حكمة الله عز وجل بالعباد، فالقلوب لها إقبال وإدبار، فإذا أقبل قلبك على الله فاستكثر من خصال الخير، فجد واجتهد في الطاعات، وإذا أدبرت نفسك عن الله فاحفظ فرائض الله، وسأوصيك بأمور: أولها: أن تتفقد نفسك، فإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلعلّ ذنباً بينك وبين الله حال بينك وبين القبول من الله، ولعلّ ذنباًَ بينك وبين الله حرمك اليقين بالله، فأول ما يفكر فيه الموفق أن ينظر كيف حاله مع الذنوب، فإن وجد ذنباً استغفر الله وتاب منه، وعقد العزم على عدم الرجوع إليه.

وأما ما ذكرته من قيام الليل وعدم وجود الخشوع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإن قيام الليل من أهم الأسباب التي تعين على خشوع القلوب، ومن قام الليل ولم يجد لقيامه خشوعاً فليبك على نفسه وليطرَّح بباب ربه وليستعذ بالله من قسوة قلبه، وليعلم أن بينه وبين الله حائلاً، إما ذنباً من عقوق أو معصية أو قطيعة رحم أو أكل مالٍ ظلماً أو هتك ستر الله أو نحو ذلك من المعاصي، فأول ما يفكر فيه أن يتفقد نفسه، وأن يحاول قدر استطاعته أن يتوب إلى الله، فإن الله تعالى يقول: {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل:٤٦]، وكان العلماء رحمهم الله إذا أعيتهم المسألة وأصبحت شديدة عليهم أكثروا من الاستغفار، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: (إن كانت المسألة ليستغلق عليَّ فهمها -فيما معنى كلامه- فلا أزال أستغفر الله حتى أبلغ ألف مرة ثم يفتح عليَّ فيها).

فعليك أن تكثر من الاستغفار، فإذا قمت في الليل فاجعل ليلك مطية للاستغفار، فإن الله يرحم من يستغفره، ويلطف به: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح:١٠]، فنسأل الله العظيم أن يعافينا وإياكم من هذا البلاء، وأن يرزقنا وإياكم اللذة في مناجاته وذكره.

والله تعالى أعلم.