للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين حسن الظن بالله وعدم المبالاة]

السؤال

ما هو الفرق بين حسن الظن بالله، وعدم المبالاة والاستغفار من الذنب بعد وقوع الذنب وقبله؟

الجواب

حسن الظن بالله يأتي بعد الندم، إذا أصابك الندم حتى جاءك الشيطان وقال لك: الله لا يغفر لك، فقل: بلى إنه هو الغفور الرحيم، فتحسن الظن بالله بعد أن تندم، وأما عدم المبالاة -نسأل الله السلامة والعافية- فهذا من موت القلب، فإن القلب قد يحيا ويموت، وحياته بالندم، وموته بعدم المبالاة والعياذ بالله، فإذا كان القلب حياً ندم على الإساءة في جنب الله، وفرح بطاعة الله، فالمؤمن من سرّته حسنته، وساءته سيئته، فإذا كنت -بارك الله فيك- تحس بعد الذنب بالندم والألم للتقصير في جنب الله عز وجل واهب النعم ودافع النقم فهذا من حياة قلبك، فإذا أحسست بالندم فاقرن ذلك الندم بحسن الظن بالله، واقرنه بحسن الرجاء فيما عند الله، فالمؤمن على جناحين جناح الخوف من الله، والرجاء لرحمة الله عز وجل، أما مسألة عدم المبالاة فهذا من موت القلب، حتى قال بعض العلماء: إن الله قد يستدرج صاحب المعصية بعدم المبالاة، حتى يمكر به -والعياذ بالله- فيأخذه أخذ عزيز مقتدر، أشار الله تعالى إلى ذلك فقال: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف:١٨٣] وقال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم:٤٤] فالله يستدرج العبد من حيث لا يعلم، فهذا يأتي بسبب عدم المبالاة والعياذ بالله، وغالباً من لا يبالي بمعصية الله يستدرجه الله بمعصية تلو معصية، حتى يختم له بخاتمة السوء، نسأل الله السلامة والعافية منها وألا نكون من أهلها، فهذا بالنسبة لقضية عدم المبالاة، فلا تقترن بالندم، وقضية حسن الظن بالله تأتي مركبةً على الندم، ولذلك قرن الله لأهل الجنة بين الصفتين: الخوف من الله، والرجاء في رحمة الله، قال تعالى: {يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء:٥٧]، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:٩] لا بد من الأمرين، الخوف والرجاء، ولذلك قال بعض السلف: إنهما جناحا السلامة، والطائر لا يستطيع أن يطير بأحد الجناحين، فلو غلّب جناح الخوف وانكسر جانب الرجاء هلك فقنط من رحمة الله، ولو انكسر جانب الخوف وأصبح في الرجاء ربما استرسل في محارم الله حتى يُكتب له سوء الخاتمة بمعصية الله، فالمقصود لا بد من الأمرين، الخوف والرجاء لله تبارك وتعالى، والله تعالى أعلم.