للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قضاء صلاة الوتر]

السؤال

أريد أن أقوم من الليل؛ ولكن النوم يغلبني، فماذا أفعل إذا فاتني الوتر؟ هل أقضيه من النهار؟ وكيف أستطيع المواظبة على قيام الليل؟

الجواب

بالنسبة لقضاء الوتر: فإن السنة أن يقضيه الإنسان إذا فاته بالليل بعد طلوع الشمس إلى الزوال؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من فاته حزبه من الليل فقرأه بين طلوع الشمس إلى زوالها؛ كتب له كأنما قرأه من ساعته) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ومن السنة أنه إذا قضى الوتر أن يشفعه بركعة واحدة، فإذا كان وتره ثلاثاً شفعه بواحدة حين يكون أربعاً؛ لما ثبت في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته قيامه من الليل صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة) قال العلماء: لأن سنته في قيام الليل كانت إحدى عشرة ركعة، فكان يشفع ركعة الوتر فتمت بذلك الركعة الثانية عشرة، فهذا يدل على أن وتر النهار يشفع.

ومن الفوارق أيضاً: أنه لا يقنت في وتر النهار بخلاف وتر الليل، والله تعالى أعلم.

أما المحافظة على قيام الليل فهناك سبب من أهم الأسباب التي تدعو إلى قيام الليل؛ وهذا السبب هو تذكر الآخرة، فمن أحب أن يُحافظ على قيام الليل فعليه ألا يغيب عن ذهنه ذكر الآخرة، وذكر الآخرة هو السعادة بعينها من تذكر أنه ستمر عليه مثل هذه الساعة وهو ضجيع اللحد والبلاء، رهين بالقول والعمل؛ فإنه تهون عليه الدنيا وما فيها من تذكر أنه سُيغلق عليه في تلك الظلمة والحفرة، وأنه لا يجد إلا هاتين الركعتين أو هذه التسبيحة والاستغفار؛ دعاه ذلك إلى أن يهون عليه النوم، فيتقلب بين يدي الله عز وجل راكعاً ساجداً: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:٩] من علم أنه ستمر عليه مثل هذه الساعة واللحظة، لا يجد مؤنساً ولا شفيعاً، ولا يجد موجباً لذهاب الهم والغم إلا العمل الصالح؛ دعاه ذلك إلى أن يكون جل همه أن يديم الطاعة ليلاً ونهاراً، قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:١٦] كان السلف الصالح رحمهم الله من أكمل الأمة ذكراً للآخرة، فقد كان أحدهم إذا أراد أن يضطجع لكي ينام تذكر النار، فقام يتقلب وهان عليه ذلك المضجع، وآخر إذا جاء لكي ينام وشعر بالدفء والراحة تذكر ضجعة القبر فوجل فؤاده واضطرب جنانه، وسهل عليه أن يقوم في شدة البرد أو في شدة الحر لكي يتوضأ وينتصب بين يدي الله بركعة أو سجدة يرجو بها رحمة الله عز وجل ورضوانه، والله لو أن أهل القبور سُئلوا عن أعز شيء يتمنونه، لتمنوا تسبيحة أو استغفاراً يزاد في صحيفة العمل.

نسأل الله العظيم أن يكرمنا وإياكم بذلك.