للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقوق الوالدين من أسباب ضعف الإيمان]

السؤال

أنا رجل وفقني الله عز وجل للاهتداء قبل سنتين، وفي هذه الأيام أشعر بالتقصير، فأرجو توجيه نصيحة لي؟

الجواب

كما سبق وهو السؤال نفسه؛ لكن أذكر بعض الإخوان أنه أصابه شيء من هذا، وكان طالب علم يقول: أجد في نفسي قسوة لا أدري ما سببها، وأجد في نفسي أنه تمر عليَّ الآيات التي تبكي من خشية الله عز وجل ومع ذلك لا أتأثر، فقلت له: يا أخي! أسألك -واصدق معي في جوابك- كيف حالك مع الله؟ حق الله أمران: فعل الفرائض وترك المحارم، فكيف أنت في فعل الفرائض وترك المحارم؟ قال: والله لا أنكر من نفسي شيئاً، ولا أقول ذلك تزكية لنفسي.

فقلت: الحمد لله، هذا حق الله، فلننتقل إلى حق العباد، كيف أنت مع والديك؟ إن بيني وبين أبي نوع من سوء التفاهم، لا أستطيع أن أُحسن الكلام معه، ولا أستطيع أن أُحسن بره، فقلت: يا أخي! من هنا جاءك البلاء، فإنك عندما عصيت الله في بر الوالدين أوجب لك تلك القسوة، فحاول إصلاح حاله، قال: فما مضت إلا ثلاثة أيام حتى تغير حالي، يقول لي: والله حتى حفظي تغير، عندما أحسن في بر الوالدين، بر الوالدين ليس شيئاً هيناً، الله تعالى يذكر عبادته ويقرن بر الوالدين بها: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:٣٦] حتى قص علينا شرائع من قبلنا فذكر بر الوالدين فيها: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة:٨٣] {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:٢٣] بر الوالدين من أعظم الأسباب التي توجب للعبد سعادة الدنيا والآخرة، إذا بلغ ببر الوالدين أن يوصي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه -الذين هم أكمل الأمة إيماناً واتباعاً له- يوصيهم إذا رأوا أويس القرني أن يدعو لهم.

إن كثيراً من الشباب الذين أكرمهم الله بالهداية ربما يلاحظون على الوالدين بعض التقصير، فيسيئون إليهما، ولربما يبلغ الحال إلى ما فيه سخط الله عز وجل وغضبه؛ فإذا أردت أن يذهب الله عنك ما تجد فعليك أن تتفقد أوامر الله ونواهيه، ثم عليك أن تتفقد حقوق العباد، وأولها حق الوالدين وتفقد -أيضاً- من تحت يديك من العمال أو الموظفين، تفقد جميع من ولاك الله أمره، حتى أبناءك انظر إلى معاملتك لهم، فقد تجد أسباباً أوجبت لك ذلك التغير، واعلم أنه ما من هم يصيبك إلا ووراءه سيئة أو خطيئة أوجبته: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء:٧٩]، والله تعالى أعلم.