للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[علاج قسوة القلب]

السؤال

إني إذا قرأت القرآن لا تدمع عيناي وإذا صليت لا أخشع في صلاتي، فهل هذا من قسوة القلب؟ وما هو العلاج جزاكم الله خيرا؟

الجواب

أما إذا كان الإنسان يسمع القرآن ولا تدمع عينه فإنه واحد من رجلين: إما أن يجمع الله له بين المصيبتين فلا يخشع قلبه ولا تدمع عينه، فإنه من القاسية قلوبهم عن ذكر الله الذين توعدهم الله عز وجل بالعذاب والشقاء، فقال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الزمر:٢٢].

وأما إذا كان الإنسان لا تدمع عينه ولكن قلبه يخشع، ويجد للآيات أثرا فيذل لله عز وجل ويخضع، فما عليك إذا خشع قلبك أن لا تدمع عينك، فإن الله تبارك وتعالى إذا أعطى العبد خشوع القلب فقد أعطاه الخير كله، ولذلك بين الله تعالى بقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:٢٩].

المقصود من القرآن أن تتدبره وتتأمله وتتأثر بتلك الآيات التي تتلى عليك، وتقرأه بين يديك، فإذا وجدت لهذه الآيات أثراً في قلبك فذلك هو المقصود، فإن دمعة عينك فضل على فضل، وإن لم تدمع عينك فالمهم خشوع القلب، ودمعة العين فضل من الرب من أعطاه أعطاه لحكمة، ومن منعه منعه لحكمة، ونسأل الله العظيم أن يجعلنا من أصحاب الفضلين.

ولكن لعلك أن تتألم فتقول: لماذا لم يجمع الله لي بين الخشوعين: خشوع القلب وخشوع العين؟! فأقول لك: ارض عن قسمة الله، لعل الله علم أن لو خشعت عينك فدمعت أن يصيبك الغرور، ولعل الله علم أنه إذا دمعت عينك أن تصبح مرائياً في عبادتك فتخرج صفر اليدين من صلاتك وقراءتك، فلطف الله بك من حيث تشعر أو لا تشعر فارض عن الله فيما قسم، واسأل الله عز وجل الفضلين والإخلاص في كلا الحسنيين والله تعالى أعلم.