للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاج مرض الشبهة والشهوة]

السؤال

كيف نعالج قلوبنا من مرض الشبهات والشهوات خاصة بالقرآن الكريم أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

الجواب

أما مرض الشبهة فإنه مرضٌ يأتي بسبب ضعف الإيمان، فالشبهات ترد على الإنسان بضعف إيمانه، فيغذي إيمانه، أولاً: بسؤال الله أن يصرفها عنه وأن يثبته على الإيمان الذي يحول بينه وبين هذه الشبهات، فأول علاج لمن بلي بالشبهات والشكوك والوساوس والأذية في قلبه وفي صدره، أن يستعيذ بالله جل وعلا، لأن الله يقول في كتابه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:٣٦] فأمر الله بالاستعاذة إذا حصلت الشبهة، فأكثر من الاستعاذة فإن الله يعيذ من استعاذ.

أما الأمر الثاني: فأن تأخذ بالأسباب التي تبعد الشبهة عنك، فإذا كانت الشبهة من جليس سوء فابتعد عنه وإياك أن تجلس معه؛ لأن الله أمرك أن تقوم إذا ذكر الله بما لا يليق به في مجالس الظالمين {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:٦٨]؛ فلا يجوز للإنسان أن يجلس في المجالس التي تثار فيها الشبه ويضعف فيها الإيمان.

أما الأمر الثالث من الأسباب التي تعين على انصراف الشبهة: أن تأخذ بالأسباب التي تزيد في الإيمان، ومن أعظم ذلك تلاوة القرآن وتدبره، أن تختار لتلاوة كتاب الله أنسب الأوقات، وأن تقبل على كلام الله وأنت تحس كأن الله يخاطبك، وكأن الله يناديك، وكأن الله يوصيك، فإذا استشعرت بهذا الشعور دخلت الآية إلى سويداء قلبك وتغلغلت إلى جنانك وكان لها أطيب الأثر على جوارحك وأركانك، وكف الله بها عنك الوساوس والشكوك، القرآن فيه الحجج وفيه الآيات، وهذه الحجج والآيات تقوي القلب، وتجعل فيه الحصانة والقوة من هذه الشبهات التي ترد على القلب.

أما مرض الشهوة فابتدئ بأسبابها، فما كان من أسباب تثير الشهوة فابتعد عنها، غض البصر عن الحرام، وعن استماع الفحش والآثام، واجعل جوارحك سليمة عن مظان الريب والفتن؛ فإن ذلك يعصم الله به قلبك، فإن الإنسان إذا حفظ سمعه وبصره صانه الله عن الشهوات، ولم يجد الشيطان عليه سبيلاً أن يعلق قلبه بها، ثم خذ بالأسباب التي تزيد في إيمانك حتى تقوى على البعد من الشهوات، وقال بعض العلماء: إن عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم من أعظم الأسباب التي توقع الإنسان في الانتكاسة بشهوة أو شبهة، فيبتعد الإنسان عن عقوق الوالدين وأذية الوالدين, وقطع الأرحام، لأن الله يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:٢٢ - ٢٣] قال: أصمهم فلا ينتفعون بموعظة، وأعمى أبصارهم فلا يهتدون ببصيرة -نسأل الله السلامة والعافية- وكل ذلك بسبب قطيعة الرحم، فأكثر ما يقع الإنسان في شهوة أو شبهة إما بذنب بينه وبين الله وإما بذنب بينه وبين عباد الله.

ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله تعالى أعلم.