للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى قوله: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات]

السؤال

يقول صلى الله عليه وسلم: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) ما هو التفسير الصحيح لهذا الحديث؟

الجواب

هذا الحديث رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أمتي لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها).

شرح العلماء هذا الحديث بما ظهر لهم، فالذي اختاره أكثر الشراح أن قوله: (كاسيات عاريات) محتمل أنهن كاسيات من نعم الله، عاريات من شكرها، فتكون الكسوة والعري بالمعنى دون اللفظ، كسوة بالمعنى، وعري بالمعنى أيضاً.

والقول الثاني: أنهن كاسيات يعني: عليهن ألبسة، ولكن تلك الألبسة إما ضيقة وإما شفافة رقيقة، بحيث لا تستر ما تحتها، فتكون كاسية؛ لأن عليها ثوباً، ولكنها شبه عارية؛ لأن ذلك الثوب لضيقه يبين تفاصيل جسدها، فيتبين منه ثدياها وصدرها ومنكباها وعنقها وعضداها، ونحو ذلك، يعني: تتبين أعضاؤها لضيق ذلك الثوب فكأنها عارية، وإذا كان الثوب شفافاً رقيقاً، فإنه يشف عما تحته، فيرى جسدها، ويرى بياضه أو سواده أو حمرته أو نحو ذلك فكأنها عارية، فهي كاسية بهذا الثوب ولكنه ليس بساتر.

وأما قوله: (مائلات مميلات) فالمراد أنهن مائلات إلى الباطل وإلى الهوى وإلى المنكر أو الفحش ونحو ذلك.

مميلات لغيرهن، يعني: من رآهن مال إليهن، سواء كان من الرجال أو النساء، فالنساء يقلدنهن ويفعلن كفعلهن، فكأنهن سبب في ميلهن، وإذا رآهن من الرجال من هو قليل الإيمان مال إليهن للممازحة أو المعاكسة أو نحو ذلك، فيكون هنا الميل هنا ميلاً معنوياً.

وقيل: إنه ميل حسي، بمعنى أنها إذا مشت فإنها تتمايل يمنة ويسرة، وذلك من صفات المتكبرين، أو من صفات الدعاة إلى الفحش وإلى المنكر، بمعنى: أنها تتمايل وتتلفت يميناً أو يساراً، أو تحني ظهرها أو جنبها حتى تميل غيرها، أو أن يقتدي بها غيرها.

وأما قوله: (كأسنمة البخت) البخت: هي نوع من الإبل لها سنامان، أحدهما أصغر من الآخر، فهذا النوع معروف أنه يصلح لأن يركب، فالإبل التي لها سنامان تركب كما تركب التي لها سنام واحد، فشبه رءوسهن بأسنمة البخت، ولكن فيها ميل، فأحد السنامين أصغر من الآخر، فلذلك قال: كأسنمة البخت المائلة.

وفسره بعض مشايخنا بأنه المرأة التي تجمع شعر رأسها خلفها، وتمسكه بحزام، ثم تلبس فوقه خماراً رقيقاً، فيخيل إلى من يراها أن لها رأسين: رأساً هو الشعر الذي خلفها، ورأساً هو الحقيقي، فيكون ذلك مثل أسنمة البخت.

وعلى كل حال فالمرأة تبتعد عن الصفات التي تلحقها بمثل هؤلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>