للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لابد من الإيمان لحصول النصر]

ما معنى ذكر هذه الأوصاف في ذكر بدر؟ معناها أيها الإخوة: أن نكون مسلمين، إذا أردتم أن تظفروا على عدوكم، ولو كان عددكم وعتادكم قليلاً، كما كان إخوانكم من الأسلاف في بدر، ونصرهم الله نصراً مؤزراً برغم أنهم لم يأخذوا أهبة غزوهم، وما خرجوا لقتال، ولم يكن معهم غير فرسين اثنين فقط، وكان الثلاثة يعتقبون البعير الواحد، وكانوا يقتسمون التمرات، وكانوا جياعا: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الأنفال:٢٦]، وقال لهم الله جل وعلا: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران:١٢٣].

فإذا أردتم أن يكون النصر حليفكم كما كان حليف الأسلاف في بدر مع ذلهم وقلتهم؛ فعليكم أن تكونوا من المؤمنين أولاً، فلابد من شرط الإيمان، قال تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:٤٠ - ٤١].

الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة: اليوم ثلث الأمة لا يصلون، ولا يسجد لله ركعة.

والزكاة صار أداؤها شيئاً شخصياً، مع أن الدولة يجب عليها أن تجبر المواطنين على دفع الزكاة، وإذا رفض رجلٌ دفعها يقاتل حتى يقتل؛ لأن الزكاة حق الله في المال، وهذا هو الذي فعله أبو بكر رضي الله عنه، وشايعه جماهير الصحابة آنذاك، وقد صار دفع الزكاة شيئاً ثقيلاً، كم من المسلمين لا يدفعون زكاة الأموال! وكثير من الذين يدفعون الزكاة إنما يدفعونها بالتشهي، وبالتقتير الشخصي، فهؤلاء لا يُمكَّن لهم في الأرض أبداً ولو ظلوا ألف عام يصرخون بمكبرات الصوت، ويحرقون الأعلام، ويقذفون عدوهم بأشنع العبارات، فإن الوضع باقٍ كما هو.

إنما النصر من عند الله تبارك وتعالى ليس من عند أحد، وإنما ينزله على عباده المؤمنين.

استنجدوا بالأمم المتحدة، والأمم المتحدة هي التي صنعت إسرائيل، هي التي وضعت اليهود في أرض المسلمين، فهذا لا يفعله عاقل يعقل ما يقول: أن يأتي الأمم المتحدة ليستجير بها، فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، فكانت النتيجة: أن الأمم المتحدة أدانت الفلسطينيين وقالت: أنتم السبب، أنتم الذين استثرتم شارون، وأنتم لم تتعاملوا معه كرجل كبير صاحب دولة، إنما أطلقتم عليه الصغار؛ فكانت النتيجة هذه الشرارة فأنتم السبب.

لابد من اعتذار رسمي، وسيعتذرون، ونظل سنتين أو ثلاثاً نحقق في هذا الهجوم الفلسطيني على اليهود، وبعد سنتين أو ثلاث يتولاها وغد آخر غيره وتبدأ المجابهات مرة أخرى، ويدانون ويدان عليهم، ونظل مائة سنة نحقق من الغلطان.

هذه مسألة مكشوفة لأي رجل عنده (أ، ب) فهم لليهود، و (أ، ب) فهم للإسلام، لكن قلت لكم: السياسية التي لا دين لها.