للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفاؤه صلى الله عليه وسلم]

في باب الوفاء مثلاً: إذا استحضرت أن الغدر مر وسيء، ولا تحتمله نفسك؛ عظمت قيمة الوفاء، فانظر إليه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ونحن سنمر على أبوابٍ كثيرة؛ لأن هذه المحاضرات تعينك على محبة النبي عليه الصلاة والسلام وتعلمك كيف تحبه حب الاختيار، بمعنى لا تقدم قول أحدٍ على قوله ولو كان فيه تلف نفسك، ولو لم يكن لك فيه مصلحة ألبتة، لا يدفعك إلى سلوك هذا السبيل الصعب إلا الاختيار الذي دافعه الحب والإيمان.

باب الوفاء ضرب فيه النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة حتى مع أعدائه، جاء في صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: لم أشهد بدراً لا أنا ولا أبي، السبب في ذلك أن المشركين لقوهما مهاجرين إلى المدينة، فقالوا لهما: إلى أين؟ قالا: إلى المدينة.

فقالوا لهما: إنكما ستقاتلاننا مع محمد.

قالا: بل نحن متوجهان إلى المدينة.

قالوا: لا نترككما إلا إذا أعطيتمانا العهد أن لا تقاتلا معه، فأعطوهما العهد على ذلك، ومضيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقصا عليه ما جرى، فقال عليه الصلاة والسلام: (وفوا لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) وهم أعداء وهم محاربون لهم، قال: (وفوا لهم عهدهم، ونستعين الله عليهم).

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.