للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الغيرة وأقسامها]

لا بد أن نراقب علامات المحبة؛ لأن أكثر أهل الأرض يدعون من المحبة والكمالات ما ليس لهم، وعلامات المحبة كثيرة، منها -مثلاً- أن تلتذ بهجر الناس واللياذ بمحبوبك، وتحب دائماً العزلة، والأنس بمحبوبك.

وابن القيم رحمه الله يقول: سمعت بعض أصحابي -وأظنه: تقي الدين ابن شقير أو غيره- قال: رأيت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية خارجاً وحده فتبعته إلى بعض الخلوات، فلما وصل إلى خلوة أنشد بيتاً من الشعر فقال: وأحدث نفسي بسيرتك لعلي أخلص بالسر خالياً المحب لا يحب أن يشاركه أحد في حبيبه، فهو يتمنى أن ينفرد ويخلو به لكي يستطيع أن يناجيه، وإذا رأى الناس مجتمعين حول حبيبيه فإنه يكرههم ويمقتهم.

ولذلك نحن قلنا في الجمعة الماضية: إن من علامات الحب: الغيرة على المحبوب، والغيرة: أن يريد المحب أن يتفرد بمحبوبه ويكره أن يشاركه أحد فيه، ونحن إذ تكلمنا على الغيرة فاتنا أن نقول في الجمعة الماضية تتمة للغيرة المحمودة والغيرة المذمومة: كل من يغار قد يغار غيرة محمودة، وقد يغار غيرة مذمومة، فالغيرة المحمودة: أن تخاف على محبوبك أن يتغير عليك، وأن تغار عليه أن يُسب وأن يُشتم وأن تُنتهك حرماته، هذه الغيرة المحمودة التي نحن تكلمنا عليها سابقاً.

أما الغيرة المذمومة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه: (إن من الغيرة غيرة يكرهها الله، وهي غيرة الرجل على أهله في غير ريبة) وثمة مشاكل كثيرة تصلني منها: أنه اتصلت بي امرأة وقالت إن زوجها يقفل عليها الباب بالقفل، افترض حصل حريق ماذا تعمل المرأة، هل تقفز من سابع دور؟ وهناك شخص قد عمل لكل شباك قفلاً؟ لكي لا ترى!! الله عز وجل يكره هذا، وإذا دخل غرفته ورأى أن السرير غير مرتب قال: من الذي كان قاعداً هنا؟ فإذا كنتَ محباً لله عز وجل فينبغي أن تكره الذي يكره، فإذا علمت أنه يكره هذا لا يحل لك أن تأتيه، ولو كنت ترغب فيه.

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته إن الحبيب لمن يحب مطيع أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.