للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تهوين بعض الجماعات الإسلامية من شأن التوحيد]

فمِن عَجَبٍ أن تهوِّن بعضُ الجماعات الإسلامية الآن من شأن التوحيد، ويقولون: إن الكلام في التوحيد يفرق، ونحن نريد أن نجمع الكلمة، إذا اختلفنا في الله فعلى مَن نجتمع؟ كلمةُ التوحيد قبل توحيد الكلمة، ولا سبيل إلى توحيد الكلمة إلا بعد أن نتفق على كلمة التوحيد، واحتجَّ بعضُهم -غلطاً ووَهماً منه- بقصة هارون عليه السلام، وأنه ترك الناس أن يعبدوا العجل خشية أن يفرق بينهم: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه:٩٢ - ٩٤] قال: فترك هارون بني إسرائيل يعبدون العجل حتى لا يفرق بينهم، فهل هذا صحيح؟

الجواب

هذا خطأ، وقولٌ ظاهرُ البطلان من آيات القرآن، لقد نهاهم هارون عليه السلام وقال لهم: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} [طه:٩٠] فبيَّن لهم أنه لا يحل لهم أن يعبدوا العجل، وفي سورة الأعراف بيَّن عليه السلام أنهم كادوا يقتلونه لما نهاهم: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي} [الأعراف:١٥٠] أيقتلونه لأنه ساكن ساكت، أم لأنه قاومهم ووقف في وجوههم؟! فكيف يُظَنُّ بنبي الله هارون أن يرى الناسَ يعبدون العجل من دون الله عز وجل، فيسكت خشية أن يفرق جمعهم؟ إنما أرسل الله عز وجل موسى وهارون، وقَسَم الناس إلى قسمين: فراعنة، وإسرائيليين، جعلهم قسمين كبيرين، لماذا؟ أيتركون عبادة فرعون ويعبدون العجل؟! ما هو الفرق؟ فصاروا يهوِّنون مِن مثل هذا، ويقولون: الكلام في التوحيد يؤدي إلى الفرقة.