للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين رؤيا الصالح والكافر]

في صحيح البخاري: (الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)، وفي هذا الحديث: الرؤيا الحسنة، وفي بعض الروايات الأخرى: (الرؤيا الصالحة)، وفي رواية: (الرؤيا الصادقة)، وكلها بمعنى الرؤيا الحسنة.

(من الرجل الصالح) قيد الصلاح هنا مهم؛ لأنه ورد في بعض الأحاديث: (الرؤيا جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)، فهل رؤيا الكافر إذا صحت تكون جزءاً من النبوة؟

الجواب

لا.

لماذا؟ لدلالة هذا الحديث، لذلك كان هذا القيد مهماً.

بعض الكافرين رؤياهم صحيحة، كالملك: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف:٤٣] وهو كافر صحت رؤياه، ورؤيا هرقل، لما رأى له صاحبه ظفر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وأخذ ممالكهم، وهذا صح في صحيح البخاري، وكان ذلك صحيحاً، فيقال: الرؤيا الصادقة جزء من النبوة، ويراها الرجل الصالح، فإذا رآها الكافر، لا تكون جزءاً من النبوة؛ لأن النبوة تشريف، فكيف يشرف الذي كفر بها أصلاً؟! وهذا القيد ومثله في الأحاديث ينبغي اعتباره؛ لأننا إذا أهملنا مثل هذا القيد، دخل تحته مثل هذه الجزئيات التي لا تقررها الشريعة، ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ولد صالح يدعو له)، فذكر الصلاح هنا دل على أن الولد الفاسد لا يستجاب له، ولا ينتفع الوالد بالولد الفاسد لا في الدنيا ولا في الآخرة، فمجيء هذا الولد وبال عليه في الدنيا والآخرة، فإذا دعا الولد الفاسد لأبيه لا يستجاب له.

فلأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: الولد الصالح، وقيد الولد بالصلاح، ووصفه بالصلاح، دل هذا على أن الفاسد ليس كذلك.