للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم وجود القبور في المساجد]

إن الذي يجيز لمن يخرجون أن يعتكفوا في مسجد فيه قبر، قد خالف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال -فيما صح عنه-: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ألا إني أنهاكم عن ذلك) قالها ثلاث مرات، وهو آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة: (يحذر ما صنعوا) أي: يحذر المسلمين مما صنعه اليهود والنصارى، فإن هذا بضد التوحيد الخالص.

عندما تقول: يا حسين! مدد أو: يا بدوي! مدد أو: يا دسوقي! مدد.

أي: أنك تقول: إنني أريد منك أيها المقبور، أريد مدداً، أريد عوناً.

فما صنعة الله إذاً في الكون؟! إن كان الدسوقي يمدك بمدد أو البدوي أو الحسين، فما صنعة الله في الكون؟! إن هذا بضد التوحيد الخالص، لذلك يقول الإمام الشافعي رحمه الله: (إن المسجد والقبر لا يجتمعان في دين الإسلام).

لا يجتمع مسجد مع قبر في دين الإسلام، وكأنه أخذ هذا من قول عائشة رضي الله عنها: (فلولا ذاك -أي: فلولا نهيه عليه الصلاة والسلام- أبرز قبره) لكنا أبرزنا قبره وأظهرناه، وبنينا عليه قبة، لولا أنه لعن من فعل ذلك، ونهى عنه، فلولا ذاك أبرز قبره، لكنه خشي أن يتخذ مسجداً، خشي أن يبنى عليه، فكيف تطيب نفس امرئ يسمع مثل هذا الحديث ثم يقول لأتباعه: يجوز لكم أن تعتكفوا في مسجد فيه قبر إن ظهرت لكم فيه مصلحة؟! وأي مصلحة في مخالفة الشارع، وفي مخالفة أمره؟! كالذي يقول: يجوز حلق اللحى لمصلحة الدعوة أي مصلحة تعود على الدعوة إن كنت أنت بصنيعك هذا أول المخالفين لها، وهي تنهى عن ذلك؟! فنصوص الدعوة الكثيرة تنهى عن ذلك.

يقول الشيخ محمد قطب: إني أخشى أن تكون مصلحة الدعوة صنماً يعبد.

كلما أراد أن يرتكب مخالفة يزعم أنها لمصلحة الدعوة.

ليس من مصلحة الدعوة أن تكون من المخالفين لها، بل المصلحة أن تثبت عليها حتى يعلم الناس أنها الحق، لا أن تخالفها وتترخص فيما لا رخصة لك فيه.

والأدهى من ذلك والأمر أنه يقول: فإن رأيتهم يطوفون حول ضريح فطف معهم بنية الدعوة! تطوف مع قوم يطوفون حول الضريح طواف المسلمين حول البيت العتيق، حتى إنهم ليوقفون شرطياً، فمن طاف من الشمال إلى اليمين أرجعه حتى يطوف من اليمين إلى الشمال.

وفي عهود الصبا الأولى وقعت في ذلك، فذهبت أمشي كيفما أحب فوجدت رجلاً يجذبني من ذراعي، يقول: امش مع الناس.

وما فطنت إلا بعد سنين أنهم يجعلون هذا الضريح كالكعبة.

وقد صرح بعض غلاة الصوفية بأن الطواف بهذه المقابر كالحج؛ ولذلك بدعة الطواف حول الضريح أخذت من هذا القول؛ أو أن هذا القول وُضع لها حتى تعطي قداسة لهذا الضريح.