للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل العلم]

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنك حميد مجيد.

فإن أعظم شيء يورث -باتفاق أهل الأرض- هو العلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم).

والمقصود بالعلم: هو العلم الشرعي الذي يقرب العبد من ربه تبارك وتعالى.

والإمام البخاري رحمه الله لما ذكر كتاب العلم في صحيحه بدأ بذكر فضل العلم، فقال: (باب العلم قبل القول والعمل) ثم ذكر قوله تبارك وتعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:١٩]، فقدم العلم أولاً، إذ لا يتأتى قبول العمل إلا إذا كان على علم؛ فإن العبد لا يعلم الذي يحبه الله ويرضاه إلا عن طريق الرسل، فلذلك حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم على طلب العلم، فقال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً؛ سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وفي بعض الأحاديث المرفوعة، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع)، وهذا من أعظم الشرف لطالب العلم، وفي بعض الأحاديث المرفوعة أيضاً، قال عليه الصلاة والسلام: (وإن الحيتان في البحر لتستغفر لمعلم الناس الخير).

فتحصيل العلم من أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون، والذي يبحث عن العلم -لاسيما العلم الذي يقرب من الله تبارك وتعالى- رجلٌ عالي الهمة لا يرضى بالدون.