للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طول الزمان في أخذ العلم]

(وتلقين أستاذٍ وطول زمان) فطول الزمان مهم، والإنسان يتعجب من بعض الذين لهم في العلم شهرين أو ثلاثة، ثم يقول لك: أنا علمت هذا بالاستقراء كم طلبت العلم؟! سنتين ثلاث عشر عشرين؟! أي استقراء عند المتأخرين الذين لو سرق السارق فهارس كتبهم لتوقفوا؟ الاستقراء يحتاج إلى طول الوقت في طلب العلم.

لذلك أريد أن أنبه الآن على قضية انتشرت انتشار النار في الهشيم، ولها علاقة بطول الزمان: هناك جماعة خرجوا وقالوا: لا يُحتج بالحديث الحسن لغيره، وعلماؤنا المتقدمون ما كانوا يحتجون به.

أقول: هذه القضية النقاش فيها قديم ومعروف، ولكن أخطر شيء على هذه القضية هو دخول الصغار فيها، ونحن نعرف أن الحديث الحسن لغيره فيه كلام عند العلماء في مسألة الاحتجاج به وترك الاحتجاج به، ولكن أن يأتي صغير ليس له فهم المحدثين، ولم يمارس هذا العلم، وليس له من الذكاء كمان كان للمتقدمين، ويقول: لا يحتج بالحديث الحسن لغيره؟ لو قرأت كتب المصطلح كلها، وحفظتها عن ظهر قلب؛ لا تصير محدثاً؛ لأن علم الحديث علم صعب، كما قال الذهبي: علم صرف، لا يسلم قياده لأحد، يحتاج إلى عمر طويل، ولابد من الذوق والملكة، وهذه لا تكون إلا بطول العمر، وانظر إلى العلماء في آخر أيامهم، وانظر إليهم في أوائل أيامهم ترى أن هناك فرقاً حتى في تنزيل الفتوى على مقتضى حال المخاطب، وما استفاد هذا إلا بطول العمر والزمان.

فهذه بعض الإشارات للصفات التي ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها.

أخي لن تنالَ العلمَ إِلا بستةٍ سأنبيكَ عن تفصيلِها ببيانِ ذكاءٌ وحرصٌ وافتقارٌ وغربةٌ وتلقينُ أستاذٍ وطولُ زمانِ نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يجعل ما سمعناه وما قلناه زاداً إلى حسن المصير إليه، وعتاداً إلى يوم القدوم عليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.