للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرفق في التعامل مع الخصوم]

طريقة الرفق هذه طريقة خطيرة جداً، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى شرعها لنا في مجال الدعوة مع الخصوم، قال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:٣٤] انظر إلى هذا الكلام! {الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:٣٤] يعني: بعد ما كان عدواً أصبح يحبك جداً، كل هذا بسبب ماذا؟ (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥].

انظر إلى الحكمة لم يذكر فيها حسناً، والموعظة ذكر أنها حسنة، والجدال ذكر أنه أحسن؛ فهي ثلاث درجات وراء بعض: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل:١٢٥] ربنا سبحانه وتعالى خاطب قريشاً ثلاث عشرة سنة بالقرآن المكي، وكله تذكير بالنعم.

فأحب من تدعوه وأشعره بالحب أولاً وحنن قلبه، وبعد ما تبذل جهدك في الترغيب، وتحنن قلبه، وتأتي له بكل وسيلة ولم يأت، فعندها ما بقي إلا الترهيب.

ولا تبتدئ بالترهيب، فإن الله ما ابتدأ به، إنما بدأ بالترغيب، ودائماً يقدم رحمته تبارك وتعالى على غضبه {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} [الحجر:٤٩ - ٥٠].

وفي الحديث الصحيح: (إن الله كتب كتاباً فهو عنده: إن رحمتي تغلب غضبي).

وقال تعالى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:٧] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:٩٠] فكل خير، وكل عدل نحن نبتدئ به.