للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المقصود الأعظم من العشرة الزوجية]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين: أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

فإن زواج الرجل من المرأة المقصود منه: هو إقامة العبودية لله تبارك وتعالى، وقد ذكر ربنا عز وجل طلاق المرأة طلاقاً بائناً، فقال تبارك وتعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:٢٣٠] إذا طلقت المرأة طلاقاً بائناً، ثم رزقها الله زوجاً آخر، قال عز وجل: ((فَإِنْ طَلَّقَهَا)) أي: الزوج الآخر، فأرادت أن تعود إلى زوجها الأول؛ فثمة شروط، قال تبارك وتعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة:٢٣٠] أما أن يكون الأولاد فقط فليس لهم دخل في الموضوع، حتى لو قلت: أنا أرجع للمرأة الأولى لأجل أنني خلفت منها خمسة أو ستة أولاد، ولأجل أن يتربى الأولاد بيننا! أولاد يتربون بين رجل وامرأة لا يتقيان الله عز وجل ما قيمة هؤلاء الأولاد؟ لم يذكر الله تعالى في الآية من شرط إلا شيء واحد فقط وهو {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة:٢٣٠] فإذا كان هذا في المرأة التي طلقت طلاقاً بائناً، فتزوجت ثم طلقت، ثم تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فمن باب أولى أن يقيما حدود الله قبل أن تطلق، هذا هو المقصود الأعظم من الزواج: (أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ).

إذاً: الحياة الزوجية قائمة على هذا الشعار: {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة:٢٣٠]، فالرجل عندما يتقدم لابنتك أو لأختك أو لموليتك -من لك عليها ولاية- لا تقل له: أشترط أن تعمل المرأة؛ لأن عمل المرأة جناية من أعظم الجنايات في حق الأسرة والأولاد، إذ أي قضية لابد من النظر إلى حكم الله عز وجل فيها، لم أر أحداً حتى الآن -على مدار (٢٠) سنة- امرأته تعمل ناقشته في هذا الحكم وأتى لي بحجة، إلا أن تكون ضرورة كأن يكون الرجل مرض وأقعد ولا أحد يعينه ولا يعاونه؛ فتعمل المرأة.

لكن ينبغي في هذه الظروف أن ننظر إلى عمل المرأة وطبيعة عملها.

لذلك كله كان النظر إلى الكفاءة في الديانة مسألة في غاية الأهمية، وليس معنى ذلك أنك لا تنظر إلا إلى الدين فقط، راعِ الدين أولاً، ثم لك أن تراعي أي صفة من الصفات الأخرى، واجعل الدين مناط الأمر، فالمرأة التي لا تطيع ربها لا ينتظر منها أن ترضي زوجها.

فإذا كان الدين هو الركن المشترك بين الرجل والمرأة؛ فإنه لا يجوز لولي المرأة إذا تقدم إليه رجل ليخطب ابنته أو أخته أن يتهاون في هذا الشرط، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي حسنه الترمذي وغيره: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وقال الحسن رحمه الله: (من زوج ابنته إلى فاسق فقد قطع رحمها).

فالرجل الصالح ملاك خصاله في خصلتين.