للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مكانة العلماء في الإسلام]

إن العلماء هم خط الدفاع الأول عن هذه الأمة، لو أصيب هذا الجهاز المناعي للأمة المسلمة لفتك بها أقل مرض، إن مريض (الإيدز) لو أصيب (بالأنفلونزا) يموت بسبب ضعف أو موت الجهاز المناعي، فإذا نحن قبضنا أيدينا وسكتنا والسهام توجه إلى هذا الجهاز المناعي، ونقف موقف المتفرج؛ فإن هذه الأمة ستضيع.

لكن المحنة مؤجلة عند الجماهير الغافلة، لا تحس بحجم المحنة إلا إذا فقدت العالم، إذا فقدته أحست بالمحنة، لكنهم لا يشعرون به وهو بينهم، ولا يدفعون عنه وهو سر حياتهم! فهذا ابن حزم أحد العلماء المشهورين، وكان من أذكياء العالم، واستطاع أن ينشر مذهبه وحده في الأندلس، وكان عامة أهل الأندلس مالكية، وابن حزم ظاهري المذهب، فاستطاع -وهو بمفرده- أن يجعل الأندلس ظاهرية، فقامت عليه الحرب، وشُرد وأحرقت كتبه، فكان له أبيات يتوجع فيها، أن الناس لا تقدره حق قدره، وأنه لو ترك الأندلس وخرج إلى المشرق، لتوجع الناس وأحسوا بفقده، فقال في أبيات طويلة: أنا الشمس في جو العلوم منيرة ولكن عيبي أن مطلعي الغرب ولو أنني من جانب الشرق طالع لجد على ما ضاع من ذكري النحب ولي نحو أكناف العراق صبابة ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم فحينئذ يبدو التأسف والكرب هنالك يدروا أن للبعد قصة وأن كساد العلم آفته القرب يقول: لو أنني تحولت إلى المشرق حينئذ لتأسفوا وأحسوا بفقدي، ويقول: وما فساد العلم وكساده وآفته إلا بسبب قربه منهم.