للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طعن العلمانيين في الصحابة رضي الله عنهم من خلال المسلسلات]

كذلك نجد في المسلسلات التي تنشر في التلفزيون وتتحدث عن المسلمين والسيرة شيئاً عجيباً! فقد كان هناك مسلسل قديم منذ حوالي خمس عشرة سنة اسمه: (على هامش السيرة) عرضوا فيه المنظر الآتي: أبو الدرداء يزور أخاه أبا ذر، فتخرج له امرأة أبي ذر، فتقول له: هو غير موجود، تفضل.

تفضل!! كيف يتفضل الرجل وزوجها غير موجود في البيت؟!! هل كان نساء الصحابة كذلك؟! أليس هذا من القذف الذي ينبغي أن يجلد فيه هؤلاء جميعاً؟! ثم إنه سينطبع في أذهان الناس أن الممثل الذي يمثل أبا ذر كان أمس في مسلسل على الفراش مع امرأة فاجرة! فأنا -كناشئ جديد- أرى أن أبا ذر هو ذلك الرجل الذي كان يمشي مع تلك المرأة، أو كان نائماً معها في الفراش في الليلة الماضية في مسلسل ما، فتذهب صورة هذا الصحابي في نظري.

كذلك عندما صوروا إبليس، صوروه بلحية سابغة إلى السرة، ولما صوروا مصعب بن عمير جعلوا له (سكسوكة) هكذا.

ما الذي يمنع أن ينطبع في أذهان الشباب أن اللحية العظيمة هي لحية إبليس، فيقترن في ذهن هؤلاء أن اللحية العظيمة لإبليس، فبالتالي ينفرون من اللحية العظيمة.

وقد حدث لي هذا الأمر: فقد كنت ذات مرة أركب دراجة عادية، وفي يوم شديد الريح وأنا أمشي تعرض لي أولاد صغار لا تتجاوز أعمارهم الست سنوات، فعندما رأوني صرخ بعضهم على بعض: الشيطان الشيطان! وهربوا.

فمن أين عرف هذا الولد الصغير الشيطان؟ والله تبارك وتعالى يقول: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف:٢٧]، لقد أخذوا هذا الأمر من المسلسلات، يكبر الولد وقد انطبع في قلبه ووجدانه أن اللحية من فعل الشياطين الأبالسة، فيكبر وهو يكره أهل اللحى.

فهؤلاء يريدون تحطيم التأسي بالصحابة؛ لأن الأسوة لا تكون إلا بهم، والنص النظري المحض لا يؤثر تأثيره، فمثلاً عندما تقرأ: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فإن هذا لا يؤثر فيك كما إذا قرأت أنه في غزوة من الغزوات كان هناك رجل في الرمق الأخير وطلب ماءً، فسمع أخاه يريد ماء فقال: أعطه، والثاني سمع أخاه يطلب ماء فقال: أعطه وكانوا عشرة، ويأبى كل واحد وهو في النزع الأخير أن يشرب ماء وهو يسمع أخاه يقول: أريد ماءً، فيعطيه، حتى يصل إلى الأخير، فيقول: لا، فيرجع إليهم فيجدهم جميعاً قد ماتوا!! إن تأثير هذا الموقف أكثر من تأثير حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فالتأسي في الحقيقة لا يكون إلا بهذا الجيل.

فهم جميعاً قاموا بقضهم وقضيضهم على هذا الجيل، حتى يبينوا أنه لا فضل لهم علينا لماذا؟ لأنهم رجال ونحن رجال!!