للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ظن العوام أن كل صاحب لحية عالم]

بعض الناس إذا قابله شخص عليه سمت أهل العلم يقول له: يا مولانا يا شيخ، عندنا سؤال كذا وكذا وكذا.

وهم يعتبرون أن كل صاحب لحية عالم.

وهذا أيضاً من جملة الأخطاء التي هي عند العوام، وهو مما يحجبهم عن إعفاء اللحية، فحين تسأل الواحد منهم: لماذا لا تعفي لحيتك؟ يقول: أنا طالب في الهندسة، واللحية تريد عالماً، وتريد شخصاً عنده معلومات! ولا تدري من الذي اشترط هذا في اللحية! ولو أننا رأينا طالباً فاسقاً له لحية، فهل يجوز شرعاً أن نقول له: احلق لحيتك؟ لا يجوز؛ لأن اللحية هدي ظاهر يميزك، كأنها بطاقة علنية؛ تقول أنك مسلم، وأنت لك من الحقوق كمسلم ما ليس لغيرك، فإذا لم أعرف هل أنت مسلم أم لا فسأتوقف في إعطائك حقك، فأكون قد ظلمتك.

وأنا أريد أن أعرف من أول نظرة أنك مسلم، فتأتي اللحية وغيرها من الهدي الظاهر، فتبين أنك مسلم، بدون أن أقول لك: أرني البطاقة.

فيخطئ العوام ويقولوا: إن كل صاحب لحية عالِم.

والصحيح أنه ليس كل صاحب لحية عالِماً، وليس كل معمم عالماً، كما أنه ليس كل حليق جاهلاً، وليس كل من معه يد كاتباً.

فلا بد أن تتحرى عن العالِم الرباني حتى تتعلق به؛ لأنه هو طوق النجاة في بحر الشبهات، أو في بحر الظلمات، ولذلك وُقِّق ذاك الرجل الذي قتل تسعةً وتسعين نفساً كل التوفيق حين سأل عن العالم، وكان قد أخطأ، عندما قال: دلوني على أعبد أهل الأرض، فدلوه على الراهب فأفتاه خطأ، فقتله، ثم قال: دلوني على أعلم أهل الأرض -وفَهم السؤال نصف العلم- ولم يقل: دلوني على عابد، وإنما قال: على أعلم أهل الأرض؛ لأن هذا هو الواجب؛ فإذا أردت أن تسأل عن شيء من دينك، فعليك أن تسأل شخصاً متقناً فيه، لا سيما إذا كان عاملاً بعلمه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.