للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بيننا وبين الصحابة في تحقيق الشهادتين]

أيها الإخوة الكرام المؤذن يرفع الأذان كل يوم خمس مرات، وأنت تردد خلفه ومن جملة ما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وسُنّ لنا أن نقول مثلما يقول المؤذن، فأنت أيضاً قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.

الشهادة لم يحققها إلا الصحابة وأقل القليل من الذين جاءوا بعدهم.

ومعنى (أشهد) أي: أرى بعيني، فأنت عندما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، كأنك تقول: أنا أرضى وأشهد شهادة حضور وهي ضد الغيب كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:٧٣]، ثم إنه لا يجوز لك أن تشهد إلا بما استيقنته، كما قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:٨٦].

إذاً: ركنا الشهادة: العلم والفهم، وأنت عندما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله كأنك تقول: أنا أراه وأشهده، فإذا كنت تعتقد أنك تراه أيقوم قلبك على شهود العصيان؟ لا يقوى قلبك على ذلك لو كنت تحقق كلمة (أشهد)، فإذا عجزت فعلاً أن تراه فاعلم أنه يراك وبذلك نزلت درجة، وهذا النزول من قمة الدين الذي هو الإحسان.

الدين: إسلام، وإيمان، وإحسان، وتعريف الإحسان كما عرفه النبي عليه الصلاة والسلام لجبريل عليه السلام قال: (أن تعبد الله كأنك تراه)، هذا معنى الإحسان (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فهل حققنا كلمة (أشهد) التي نحن نقولها خمس مرات في اليوم والليلة وعرفنا معناها؟.

الركن الثاني من الشهادة: أشهد أنّ محمداً رسول الله، أي: إذا بلغك عنه حديث فتوهَّم أنك تراه، نحن أحياناً نعرض الأحاديث على بعض الناس فيردونها، ولا يمتثلون لها، فأنا أقول لهذا الضرب من الناس: تخيل أنك لست واقفاً أمامي بل أمام النبي عليه الصلاة والسلام، وقال لك: افعل كذا، هل تستطيع أن تعارض؟ تقول: لا أفعل؟ أنا أجزم أن كل الجلوس ستكون إجاباتهم: لا نستطيع أن نعارض.

وقد اتفق العلماء على أن الرد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وإلى سنته بعد مماته؟