للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحاب الصنف الرابع أكثر الناس تقلباً

فأصحاب الدنيا هم الصنف الرابع، حيثما وجدوا مصلحتهم يذهبون، لذلك تجد الواحد منهم على استعداد بأن يغير موقفه مع تَغَيُّر المصلحة.

قالوا: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ} [القصص:٧٩]، ولما خسف الله بقارون الأرض قالوا: الحمد لله أننا لم نكن كقارون: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} [القصص:٨٢] وكأن المسألة عندهم شك فيها، أي: ليس أكيد أن الله ربنا سبحانه وتعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، لا.

بل كأن الله، والذي يقول: (كأن) يكون غير متأكد من الموضوع، مثل بلقيس {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النمل:٤١] فلما دخلت: {قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل:٤٢]، أي: أنه يشبهه؛ لكنها ليست متأكدة، أهذا هو العرش حقاً أم لا؟ بل {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل:٤٢].

وهم طبعاً لأنهم عوام -والعامي مشتق من العماء، ليس عنده تصور عن أي شيء- قالوا: كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، كأنه لا يفلح الكافرون، أي: أنه ليس متأكداً أن الظالم نهايته سيئة؛ لأنه من العوام.