للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإصلاح الإداري هو الحل لا تحديد النسل]

في كل ميل مربع من الوطن العربي يعيش فيه ثمانية وسبعون فرداً، وفي أوروبا كل ميل مربع يعيش فيه مائة وثمانية وعشرون فرداً، نحن لا نعاني من كثرة الناس، فمثلاً: يبلغ عدد سكان مصر نحو الستين مليوناً، ويعيشون على (٤%) من مساحتها، وهو الشريط الأخضر حول النيل وبعض البقاع المتناثرة القليلة.

إذاً: المسألة فساد إداري لا كثرة أنفس، الضربات المستمرة الجائرة الظالمة لتوظيف الأموال كانت سبباً في هروب رأس المال إلى الخارج، فالمصريون كانوا يحولون كل عام أربعة مليار دولار، فتقلص هذا المبلغ كثيراً، وصاروا يودعون أموالهم في البنوك الخارجية.

رجال كانوا من الأغنياء، كان معهم ستمائة ألف مليون، فصاروا يستحقون الآن أموال الزكاة بسبب ضرب شركة توظيف الأموال، وفي خلال ثلاث سنوات كان رأس مال بعض الشركات ثلاثة مليار وواحد من العشرة، أي: أن الناس كانوا يودعون كل سنة ملياراً، أين هذه الأموال؟ وهذه الصحراء ألا تحتاج إلى رأس مال؟ لماذا لا يقال للناس: اخرجوا إلى الصحراء، (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

قرأنا في جريدة الأهرام -قبل حوالي ثلاث سنوات- محنة أربعة إخوة جاءوا من سويسرا بعد خمس وعشرين سنة عمل، أول ما أعلنت الثورة الخضراء، وأن الذي يصلح أرضاً يأخذها، فذهبوا واشتروا ألف فدان، وظلوا يعملون أربع سنوات أو خمس، أنفقوا فيها تقريباً جلّ المال الذي جمعوه على مدار خمس وعشرين سنة، وبعد أن اخضرت الأرض، ذهبوا من أجل أخذ عقود التمليك، فأبوا أن يعطوهم عقود التمليك، لماذا؟ قالوا: سنبيع الأرض لكم بمبلغ وقدره كذا وكذا، لماذا تبيعونه، والصحراء مد البصر؟ يريدون أن يبيعوا لهم الأرض بعد أن أصبحت خضراء! ثم عجزوا عن أخذ عقد تمليك الأرض.

أنا عندما أكون رجل أعمال وأقرأ هذا الخبر في الجريدة الرسمية، وأنهم عجزوا عن أخذ عقد تمليك للأرض، فلا أفكر أن أضع مالي أو رأس مالي كله في أرض ثم يأخذونها مني بعد ذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له).

إذاً: المسألة فساد إداري فقط، (٩٦%) من أرض مصر صحراء، وهناك رءوس أموال ضخمة جداً، فلماذا لا يطلق للناس العنان؟ نظموها واعملوا لكل رجل ألف فدان، ويدفع رسوماً معينة كنوعٍ من المعونة للصرف على الإداريين والموظفين القائمين على المشروع، ثم تطلق يدك فيها وتدعها للناس، بعدها سنخرج من مشكلتنا، أما أننا نقلص من نسلنا، والنصارى يعطون للرجل الذي يأتي بالولد الرابع علاوة إضافية، فهذا لا يوجد عندنا، بطاقة التموين التي لا تغني ولا تسمن من جوع، لو أن أحداً لديه خمسة أولاد فإنه لا يكتب في البطاقة إلا اسم ولد واحد مع الأب والأم، مع أنهم قد جعلوا أربعاً وعشرين خانة للأولاد، من أجل تحديد النسل، ولقد صرفوا على تنظيم الأسرة الملايين، لو أحيوا بها أرضاً لأكل كل أولاد الدنيا منها، لكن كل هذا من أجل التنفير من كثرة الولد التي هي نعمة، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة) أفلا تحقق أمنية النبي عليه الصلاة والسلام؟ إذا كان هو يريد أن تكون الأمة كثيرة فمحبة له نتكاثر.