للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأعمال المستحبة في العشر الأول من ذي الحجة]

وبعد هذا الاستهلال نذكر بهذه الأيام، وبشيء من العمل الصالح الذي ينبغي أن يُفعل فيها، إذ المقام بذلك أليق.

فمن المعلوم أن الفرائض كلما عظمت عظم نفلها كذلك، ومن المعلوم أن الإسلام بني على خمسة أركان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، ,وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً) فلما كان الإسلام مبنياً على هذه الخمسة كان نفل هذه الخمسة أعظم النفل على الإطلاق، فنفل الفرائض هو أعظم النفل، فلذلك قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله الذي به ينعقد إسلام الشخص، هو أفضل القربات التي يتقرب العبد بها إلى ربه سبحانه وتعالى، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يصح لشواهده: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله) ولا إله إلا الله كذلك يرد معها عموم ذكر الله عز وجل، فإن الله سبحانه قال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].

أما ما المراد بقوله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:٤٥]؟ فالعلماء لهم فيه أقوال مشهورة.

أشهرها: أن ذكر الله لك إذا أنت ذكرته أكبر من ذكرك له، كما في الحديث القدسي: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) فهذا القول الأول.

والقول الثاني: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:٤٥] أي: ذكر الله في الأصل أعظم من الصلاة، فإن الصلاة إنما شرعت لذكر الله، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤] أي: أقم الصلاة لتذكرني فيها.

والقول الثالث: أن قوله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:٤٥] أي: مراقبة الله عند محارمه أعظم من الصلاة كما قال بعض المفسرين، وإن كان أكثرهم على القول الأول.