للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوبة والإقلاع عن الذنوب والمعاصي]

فيا عباد! الله اغنموا أعمالاً صالحات في هذه الأيام، ذكروا الناس بالله، من كان مسرفاً على نفسه فليقلع عن إسرافه، ومن كان مداوماً على عادة سيئة خبيثة فليقلع عنها، وليستح من ربه في هذه الأيام الطيبة المباركة، ومن كان ملازماً لعادة التدخين الخبيثة فليقلع عنها، ولينصح إخوانه بالإقلاع عنها، فالمدخن والله لا يسمي الله عند تدخينه، إذا تناول السيجارة هل يقول عند تناولها: باسم الله؟ إذا انتهى من شربها هل يقول: الحمد لله؟ هل يفعل ذلك؟ هل يدخل إهداء رجل لرجل سيجارة تحت حديث نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا) هل يدخل في هذا الباب؟ هل تدخل السيجارة في الطيبات، أم أنها تدخل في الخبائث؟ هل تدخل في النافع للأجسام والأبدان، أم أنها تدخل في المضر للأجسام والأبدان؟ هل هناك طعام يطعم أو شراب يشرب ثم يمتهن ويهان كالسيجارة؟ فبعد شربها توطأ بالأقدام، هل رائحتها طيبة؟ إذا جئت تصافح المدخن وإذا جئت تسلم عليه هل رائحته طيبة أم إن رائحته خبيثة؟ ولكنك تجده يتعامى عن مشاعر المسلمين! إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أكل أحدكم ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مساجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أما هذا المدخن المتعامي شارب السيجارة، والله إن أهل الخير والصلاح يتقززون منه عند الاقتراب من فمه لما يخرج من فمه من رائحة نتنة، ومن رائحة خبيثة، فالشيطان قد أفسد عليه أمره، وأعماه عن خبث رائحته، كما هو فعل الشيطان بأوليائه ومريديه ومطيعيه، هل الملائكة تقبل عليه كما تقبل على حامل المسك؟ فإذا طيب العبد فمه بالسواك تقبل الملائكة على فمه كما قد حُسن في ذلك حديث، فلا يخرج شيء من فيِّ القارئ المطيب بالسواك إلا وقد دخل في فيِّ الملك، كما حسنه بعض العلماء، هل هذا يكون مع الذي لوث فمه بالسيجارة؟ فاعقلوا يا عباد الله! وليتق الله أصحاب البقالات الذين يؤثرون العاجلة على الآجلة، ويؤثرون الدنيا على الآخرة، ولا يبالون إلا بإدخال المال عليهم، ألا يتقي الله بقال يجلب السجائر ويبيعها للناس، يضر بأجسامهم ويذهب بأموالهم مقابل متاع رخيص زائل فانٍ ألا وهو جنيهات معدودات، يدخلها على بيته فيصبح بيته مهدداً بالأوبئة والأمراض، وقد يخرج أحد أبنائه عاقاً يذهب له بالأول كما يذهب له بالآخر.

إن البركة من الله سبحانه، البركة في الرزق الحلال الطيب يا عباد الله! فمن كان ملازماً عادة خبيثة وسيئة كشرب السجائر، وكالإدمان على النظر في شاشات التلفاز القبيحة، وفي (الفيديوهات) المدمرة، وفي أجهزة البث، وأجهزة الإعلام المفسدة للأخلاق، المدمرة للإيمان، المدمرة لأعراض المسلمين والمسلمات، من كان مديماً للنظر في هذه القاذورات فليقلع عنها فإن رب العزة يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦].

هل تظن يا من نظرت إلى امرأة متبرجة في التلفاز أنك لست بآثم، ويا من نظرت إلى رجل في التلفاز هل تظنين أنك لست بآثم؟ أين قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦]؟ هل تظن يا من تنظر إلى امرأة متبرجة في التلفزيون أنك لا ترتكب معصية؟ إن كل ذي فطرة سليمة وكل ذي ذوق سليم يعلم تمام العلم أنه آثم بنظره إلى ما حرم الله، ولكن ثم مكابرون، وثم مجادلون، وكما قال ربنا لنبينا محمد: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:٣٣]، فإذا جادلت البشر فمن ستجادل يوم القيامة؟ إذا جادلت عن نفسك وعن ذنوبك في الحياة الدنيا أمام عباد الله، فكيف ستجادل ربك يوم القيامة؟ إن يوم القيامة ليس كأيام الدنيا {تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} [النحل:١١١] لكن كما قال تعالى: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [النحل:١١١].

فالزم مراقبة الله، وأخرج من بيتك هذه القاذورات، لا تدخل بيتك سيجارة، ولا تدخل بيتك تلفزيون، ولا تدخل بيتك تصاوير تطرد الملائكة الكرام من بيتك، (فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

فيا عباد الله! هذه أيام طيبة، تكرم الله وتفضل بها علينا، فأكثروا فيها من عمل الصالحات وأقلعوا فيها عن الذنوب والمعاصي والآثام، ووالله إن أمركم جميعاً لا يخفى على ربكم سبحانه، فها أنتم في هذه البلدة كبيرة الحجم تودعون وتشيعون كل يوم عزيزاً عليكم تقبرونه، ويقف جميعكم أمام القبر، يذكر بالله، أو يستغفر للميت، ولا يرجع بعبرة، فخذوا العبر من دنياكم ومن أنفسكم، ففي ذلك آيات لأولي النُهى.

اللهم آتنا رشدنا يا رب العالمين! واجعلنا من السابقين إلى الخيرات بإذنك يا رب العالمين! اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأعمال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، ربنا أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.