للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة الحكمة في الدعوة إلى الله]

السؤال

صديقتها دائمة الشكوى وتنصحها، لكن أحس بصدقها وأعلم ذلك، ولكنها مخنوقة، ودائماً ترتاح لي فقط، ماذا أفعل؟

الجواب

الضرورة تقدر بقدرها.

أحياناً يأتيني شخص منفعل إنفعالاً شديداً جداً من شخص ظلمه فيتكلم في حق الذي ظلمه، وإذا قلت له: اسكت لا تغتب، فقد يسبه، ويمكن أن يتطرق إلى مسألة أعظم، فحينئذٍ أفوت له بعض الأمر مع مداومة التذكير في وقت هدوئه.

ومن الأدلة على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم -كما لا يخفى عليكم- كان يحب خديجة حباً شديداً عليه الصلاة والسلام، حتى بعد موتها كان يتعاهد أصدقاء خديجة بالهدايا، فإذا ذبح ذبيحة قال: (أرسلوه إلى أصدقاء خديجة) فجاءته يوماً هالة بنت خويلد أخت خديجة تستأذن عليه صلى الله عليه وسلم، فعرف صوت هالة وارتاع لصوتها وقال: (اللهم هالة).

فغارت عائشة رضي الله عنها غيرة شديدة وهجمت هجوماً شديداً على خديجة رضي الله عنها فقالت: (ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين قد هلكت في غابر الدهر أبدلك الله خيراً منها؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إني رزقت حبها).

فماذا كان من رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف الذي هو مشتعل غيرة؟! فلربما أنه إذا نصح النصيحة ترد عليه، وإذا ردت على رسول الله؛ وقعت في الكفر أو الكبيرة والعياذ بالله، فقال عليه الصلاة والسلام: (إني رزقت حبها) وهذا هو أدب ولطف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشاهد أنه لم يتعقب ما صدر من عائشة رضي الله تعالى عنها من اغتياب في مثل هذا الموقف الذي صحبه انفعال، وليس معنى هذا أن يترك الشخص يسترسل، لكن أحياناً يتجوز بعض التجوز عن خطأ يصدر من شخص بكون المقام لا يتناسب مع تقديم العلاج.

أحياناً الطبيب الذي يريد أن يصف دواءً معيناً يجد الجسم لا يتحمل الدواء، فيقول: اذهب وائت غداً وأنا أصف لك الدواء، والله أعلم.