للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السعي بين الصفا والمروة كيفيته وأذكاره]

السؤال

ماذا أصنع إذا انتهيت من صلاة ركعتين، وذهبت إلى زمزم فشربت الماء، ثم عدت إلى الركن فاستلمته؟

الجواب

تذهب إلى الصفا، فإذا مررت من جبل الصفا قرأت قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:١٥٨]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)، ثم يقول: أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ صلى الله عليه وسلم بالصفا، فصعد عليه حتى رأى البيت -أي: حتى رأى الكعبة- فاستقبل القبلة فوحد الله تعالى وكبره، وقال وهو على الصفا: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، ثم دعا بين ذلك، فعل هذا ثلاث مرات صلى الله عليه وسلم، فالمشروع لك عند اتجاهك إلى الصفا، أن تقرأ الآية الكريمة، ثم تقول الذكر الوارد، وتدعو بين ذلك دعاءً طويلاً؛ إذ قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما جعل السعي بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار من أجل إقامة ذكر الله عز وجل)، فيسن لك أن تدعو الله تعالى دعاءً طويلاً على الصفا، ثم تسعى متجهاً من الصفا إلى المروة، وبين العلمين الأخضرين وهو الأبطح تسرع في مسيرك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يُقطع الأبطح إلا شداً)، أي: يقطعه الشخص مسرعاً، والنساء ليس عليهن هذا الإسراع.

فإذا وصلت من الصفا إلى المروة فقد قطعت شوطاً، فافعل على المروة ما فعلته على الصفا، ثم تتجه من المروة إلى الصفا وهذا الشوط الثاني، وتفعل ما فعلت أولاً، ثم من الصفا إلى المروة وهذا الثالث، ثم من المروة إلى الصفا وهذا الرابع، إلى أن تأتي بسبعة أشواط، فالذهاب من الصفا إلى المروة شوط، والعودة من المروة إلى الصفا شوطٌ ثانٍ، فتكون ذهاباً وإياباً قد قطعت ثلاث مرات ونصف تعادل سبعة أشواط، تفعل على المروة ما تفعل على الصفا، وتقطع الأبطح الذي هو بين العلامتين الخضراوين شداً، أي: مشياً مسرعاً، وتذكر الله عز وجل بما شئت من الذكر، وتدعوه بما شئت من الدعاء على الصفا والمروة، وتبدأ بالذي بيناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، فإذا انتهيت من السبعة الأشواط قصرت شعرك إن كنت معتمراً وستأتي بحجة بعدُ، أو حلقت شعرك إذا كنت معتمراً فقط، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله! قال: رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله! قال: رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله! قال في الثالثة: والمقصرين)، فإذا كنت معتمراً فقط استحب لك أن تحلق شعرك كاملاً ولك أن تقصر، والتقصير يكون من عموم الرأس لا من بعض الشعرات كما يفعله بعض الناس.

أما إذا كنت ستحج، والعمرة عمرة تمتع بالحج فلك حينئذ أن تقصر فقط وتؤجل الحلق إلى يوم النحر، والله تبارك وتعالى أعلم.