للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأدب مع الله في الألفاظ]

من آداب الحلم المزعج المفزع ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان)، وقد يقال: لماذا الحلم من الشيطان؟

و

الجواب

أن كل شيء مقدر من الله سبحانه، ولكن الشيطان سبب فقط، ومن هذا الباب أنه لا ينسب الشر إلى الله، بل ينسب الخير كله إليه، مع أن الكل من عند الله، لكن تأدباً مع الله لا ينسب الشر إليه، كما قال الخليل إبراهيم: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:٧٨ - ٨٠]، فأتى بالإطعام وبالهداية وبالشفاء كلها منسوبة إلى الله سبحانه، لكن لما ذكر المرض قال: ((وَإِذَا مَرِضْتُ)) [الشعراء:٨٠] مع أن الأمراض أيضاً مقدرة، لكن يجب الأدب مع الله سبحانه، فقال: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:٨٠].

ومن هذا الباب قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك) مع أن المصائب مقدرة ومكتوبة ومسطرة.

ومن هذا الباب قول الخضر لموسى -كما حكى الله تعالى عنه-: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف:٧٩] فنسب العيب إلى نفسه، وفي قصة الغلام قال: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف:٨٠ - ٨١]، فكل خير ينسب إلى الله سبحانه وتعالى.

فلتلزم -يا عبد الله- جانب الأدب مع الله في خطابك وفي كلامك، ولا تتخاطب مع ربك وتصفه بالأوصاف التي يوصف بها البشر، فلله سبحانه وتعالى جلال وعظمة وكمال سبحانه وتعالى، فتحدث عن ربك بالذي في كتابه، وبالذي في سنة نبيه، قال عليه الصلاة والسلام: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان).