للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مرض الغل والحسد وعلاجه]

ومن الآفات التي تتسرب إلى القلب الغل للذين آمنوا عياذا بالله! الغل للذين آمنوا من أخطر الأمراض التي تعتري القلوب، وحسد أهل الإيمان من أخطر الأمراض التي تعتري القلوب، ولا يكتشفه إلا أنت، ليس هناك طبيب سيكتشف الغل الذي في قلبك، اذهب للأخ الفاضل الدكتور فاروق رضوان وقل له: انظر هل في قلبي غل أو لا يا دكتور؟ هل سيعرف أن في قلبك غل أو ليس فيه غل؟ من أخطر الأمراض في القلوب الغل للذين آمنوا، فعلاج الغل للذين آمنوا أن تدعو بما دعا به الصالحون قبلك: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:١٠] هو مؤمن، وأنت تكره المؤمن! وما عملوا فيك شيئاً وأنت تكرههم وتتمنى لهم المصائب، وتحسدهم! فما علاج ذلك؟ علاج ذلك: أن تقوم مثلاً من الليل فتدعو للمؤمن وتقول: اللهم! وفقه، اللهم! ارحمه، اللهم! استر عليه، اللهم! بارك له، فيكون ذلك عذرك أمام الله، ويذهب الله سبحانه وتعالى بذلك ما في نفسك وما في قلبك من حسد، ثم هو من مصلحتك أنت، يعني: إذا كان في قلبك حسد لأخيك، أو غل لأخيك فقمت في صلاة الليل وقلت: اللهم! وفقه وبارك له في ماله، اللهم! ارزقه وبارك له في ذريته، في الحقيقة أنت تدعو لنفسك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا وعند رأسه ملك موكل يقول: آمين، ولك بمثله).

فأنت لن تخسر عندما تدعو لأخيك، قال تعالى: {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد:٣٨] إذا بخلت بدعوة لأخيك وامتنعت عن الدعاء، فالأمر كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد:٣٨]، ونهج المرسلين والمؤمنين دائماً أنهم لا يدعون الله بالمغفرة لهم فحسب، بل يقول نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}، يدعو للجميع {وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح:٢٨] فحتى يذهب حقدك على إخوانك ادع الله لهم، واعلم أنك بحسدك لهم مرتكب كبيرة من الكبائر، فالحاسد مرتكب كبيرة، إذ أحببت لأخيك من قلبك أن تحل به مصيبة، أو أن يفتضح، فهاهي عقوبتك من الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:١٩].

فاسأل الله أن يغسل قلبك من الذنوب والخطايا، ويطهره بالماء والثلج والبرد، وتعوذ بالله دائماً من قلب لا يخشع، وعلم لا ينفع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، وأكثر من الذكر والاستغفار في طرقك وفي مجالسك، وفي عملك حتى يهدي الله قلبك، ورد المظالم إلى أهلها قبل أن تموت، فكل ذلك يرقق القلب، ويسلمه بإذن الله من الآفات التي تعتريه، وتأتي يوم القيامة بقلب سليم كما جاء الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم ربه كما قال الله: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات:٨٤] رزقنا الله وإياكم جميعاً سلامة القلوب.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.