للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم صلاة المأمومين خلف متنجس]

قال رحمه الله: [ولا متنجس يعلم ذلك، فإن جهل هو والمأموم حتى انقضت صحت لمأموم وحده).

قوله: [ولا متنجس] أي: ولا تصح الصلاة وراء متنجس يعلم بنجاسته، كإنسان -مثلاً- كان على ثوبه بول، أو غيره من النجاسات، فإنك إذا رأيت النجاسة في ثوب الإمام فإن أمكنك أن تريه النجاسة وينصرف ويستخلف فلا إشكال، فلو أن النجاسة في طرف كمه فإنك تتقدم إلى جوار الإمام وتسحب كمه لتريه -لأنها حركة لمصلحة الصلاة- حتى يستخلف وتصح صلاة من وراء.

وإذا تعذر عليك إعلامه، أو كان الإمام جاهلاً فحينئذٍ بمجرد رؤيتك للنجاسة والخلل في الإمام فإنك تنوي مفارقته -أي: تنوي أنك منفرد-، وتتم لنفسك وصلاتك صحيحة، أما لو رأيت النجاسة وبقيت وراءه عالماً بنجاسته التي في ثوبه فإن صلاتك وراءه باطلة، وتبطل بأداء ركنٍ واحد بعد العلم.

قوله: [فإن جهل هو والمأموم حتى انقضت صحت لمأمومٍ وحده].

هنا مسألتان: المسألة الأولى: أن يصلي الإمام وهو مُحدث غير عالمٍ بحدثه؛ فلا إشكال أنه يطالب الإمام بالإعادة ولا يطالب المأمومون.

الحالة الثانية: أن يصلي بنجاسته التي لا يعلمها حتى ينتهي من الصلاة فلا يعيد هو ولا المأمومين.

فإذا كان الإمام محدثاً فحينئذٍ تلزمه الإعادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وأما إذا كان في ثوبه أو بدنه نجاسة لا يعلمها، فإن الإعادة لا تلزمه ولا تلزم المأمومين، والسبب في ذلك حديث أنس الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه صلى بالصحابة فخلع نعاله أثناء الصلاة، فخلع الصحابة نعالهم، فلما سلم -عليه الصلاة والسلام- قال: ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله! رأيناك خلعت فخلعنا.

فقال عليه الصلاة والسلام: أما إنه قد أتاني جبريل فأخبرني أنهما ليستا بطاهرتين)، أي: خلعتهما لعذر، وهو وجود النجاسة.

ووجه الدلالة من هذا الحديث -وهو دقيق- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعد الصلاة من بدايتها، حيث كبر تكبيرة الإحرام، ويحتمل أنه فعل بعض الركعات، ومع ذلك لم يستأنف الصلاة بعد العلم بالنجاسة، وإنما بنى، فكما صحت أجزاء الصلاة والإحرام بتكبيرة الإحرام التي هي الركن، فكذلك تصح الصلاة في كمالها إذا علم بعد السلام، وبناءً على ذلك يفرق في الإمام بين أمرين: الأول: أن يكون محدثاً ولا يعلم بحدثه أو لا يتذكر أنه محدث إلا بعد الصلاة.

فإنه حينئذٍ تلزمه الإعادة.

والثاني: أن يكون الإمام عليه نجاسة في بدنه أو ثوبه ولا يعلم بها، أو كانت في المكان الذي يصلي به ولا يعلم بها إلا بعد انتهاء الصلاة، فصلاته وصلاة من وراءه صحيحة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>