للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم إعادة تحية المسجد عند الخروج والدخول للمسجد]

السؤال

يصلي كثير من الطلاب مع الجماعة في الصف الأول، ثم يصعدون للحلقات في الدور الثاني، فهل عليهم إعادة تحية المسجد مرة أخرى؟

الجواب

هذا فيه تفصيل، فإن خرجوا من باب المسجد ودخلوا من باب ثان صاعدين إلى المسجد فالسنة واضحة: (إذا دخل أحدكم المسجد)، ولم يفرق صلى الله عليه وسلم بين طول العهد وقصر العهد، والأصل في العام أن يبقى على عمومه.

فلو قيل: إنه إذا كان حديث العهد جاز، وإن كان طال العهد لم يجز، أو: إذا خرج بالنية جاز له أن يدخل ولا يصلي فإن هذا فيه نظر؛ لأنه إذا خرج وكان خروجه قريباً ورجع فإنه يحتاج إلى تأقيت يُفرَّق فيه بين القليل والكثير، وهذا ليس فيه دليل من الشرع، ولذلك يقولون: تأقيت بدون مؤقت.

وقالوا: إن التفريق بين كونه قريباً وبعيداً مبني على الاستحسان، والأصل أن إعمال عموم النص أولى من إعمال الاستحسان في مثل هذا، خاصة وأنه شُرِع على وجه التعبد؛ فقال: (إذا دخل أحدكم المسجد)، ولم يفرق بين هذا وذاك.

وقال بعض العلماء: لو خرج بكامل جسمه ثم رجع مباشرة لزمه أن يعيد تحية المسجد، أما لو خرج من المسجد ناوياً الرجوع، أو خرج من المسجد على نية أن يبقى فهذا مبني على إلغاء الظاهر وإعمال النية والباطن.

وتوضيح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (إذا دخل أحدكم المسجد)، علق هذا على ظاهر المكلف ولم يعلقه على نيته.

وما من إنسان يخرج من المسجد -إذا كان عبداً صالحاً أو يريد الخير- إلا وفي نيته غالباً أن يعود إليه، ولذلك ورد في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل قلبه معلق بالمساجد).

بل قل أن تجد إنساناً صالحاً يخرج إلا وفي نيته أن يعود إلى الفرض الذي بعده، وعلى هذا تسقط تحية المسجد، والذي يظهر والله أعلم أن العبرة بعموم النص، وما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا دخل أحدكم المسجد)؛ حيث لم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين دخول يطول الفصل فيه ودخول يقصر فيه الفصل، ولم يفرق بين كونه ناوي الرجوع، أو غير ناوٍ.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>