للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[متى يصلي الظهر تارك الجمعة بغير عذر وتاركها بعذر]

قال رحمه الله تعالى: [ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام لم تصح].

هذه المسألة -نسأل الله السلامة والعافية- في رجل في مدينة قادر على شهود الجمعة مسلم عاقل بالغ حر مستوطن سمع نداء الجمعة فتخلف -والعياذ بالله- متعمداً بدون عذر، فحينئذ يرد

السؤال

متى يصلي الظهر؟

الجواب

الأصل فيه أن يصلي الجمعة، وبناء على ذلك فالواجب في حقه أن يمضي إلى الجمعة لظاهر قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:٩]، فإذا لم يسع إلى ذكر الله فإنهم قالوا: هذا المكلف مكلف بالجمعة، فلا يصلي ظهراً حتى تفوته الجمعة؛ لأن الأصل أنه مخاطب بالجمعة وليس مخاطباً بالظهر، فيبقى حتى يفرغ الإمام من صلاة الجمعة، أو يقدر ذلك على غلبة الظن وحينئذٍ يصلي، فلو صلّى قبل أن يصلي الإمام لم تصح منه ظهراً؛ لأنه يصلي الظهر قبل أن يخاطب بها، وفِعْلُ الصلاةِ قبل الخطاب بها موجبٌ للحكم بعدم الاعتداد بها وعدم إجزائها، كما لو صلى قبل أذان الظهر.

وتوضيح ذلك أنه إذا صلى الظهر أثناء صلاة الناس للجمعة فإنه كالمتنفل للظهر؛ لأنه أثناء الصلاة كان بإمكانه أن يلحق ويصلي معهم الجمعة، فلا زال الخطاب متجهاً عليه أن يصلي ركعتي الجمعة وأن يشهد الجمعة، فلا يسقط عنه الخطاب بالجمعة حتى ينتهي وقت الجمعة فيتوجه عليه الخطاب بالظهر، ومن هنا قالوا: من لزمته الجمعة ولم يعذر بتركها لا تصح منه صلاة الظهر إلا بعد انتهاء الإمام من صلاة الجمعة.

لكن من كان معذرواً لا يدخل في حكم هذا، وهو الذي سيذكره المصنف رحمة الله عليه.

قال رحمه الله تعالى: [وتصح ممن لا تجب عليه، والأفضل حتى يصلي الإمام].

قوله: [وتصح] أي: تصح صلاة الظهر.

وقوله: [ممن لا تجب عليه] أي: من عذر بتركها كالمرأة، فلو أن امرأة في بيتها أرادت أن تصلي الظهر يوم الجمعة، جاز لها أن تصلي أثناء صلاة الإمام، ويجوز لها أن تصلي قبل صلاة الإمام؛ لأن الجمعة ليست بواجبة عليها، والخطاب متوجه عليها بفعل صلاة الظهر بمجرد زوال الشمس، وعلى هذا يقولون: إنه يجب عليها أن تصلي الظهر بزوال الشمس فحينئذٍ لا علاقة لها بصلاة الإمام، فيستوي أن تصلي الظهر قبل الإمام وأن تصليه أثناء صلاة الإمام وأن تصليه بعد صلاة الإمام، كالحال في الصلوات العادية، فلو أذّن المؤذن للظهر، وبعد أذان الظهر مباشرة قامت وكبرت وصلت الظهر، فبالإجماع صلاتها صحيحة؛ لأنها مخاطبة بالظهر بمجرد دخول الوقت، وقد أدت الصلاة بعد دخول وقتها.

وهكذا لو أن المريض صلّى بعد زوال الشمس يوم الجمعة فلا حرج عليه، فكل إنسان معذور لا حرج عليه.

لكن قالوا: الأفضل في المعذور أن ينتظر انتهاء الإمام لاحتمال أن يزول عنه العذر، ولذلك قال: [والأفضل حتى يصلي الإمام] لما فيه من الاحتياط.

<<  <  ج:
ص:  >  >>