للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لبس أحسن الثياب]

قال رحمه الله تعالى: [ويلبس أحسن ثيابه].

لأنه يوم عيد، والجمعة عيد الأسبوع، ولذلك يلبس أحسن ما يجد، وهي السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن الإنسان إذا أراد شهود صلاة الجمعة، أو الصلاة عموماً فالأفضل له أن يلبس أحسن ما يجد.

ومن الأخطاء الشائعة عند الناس اليوم -وينبغي أن ينبهوا لها- شهود بعض الناس المساجد بملابس نومهم، فهذا أمر لا ينبغي، وهو يخالف أمر الله عز وجل بأخذ الزينة عند دخول المساجد، وإذا رأيت إنساناً يدخل المساجد بهذه الثياب تنبهه، ولا مانع أن تبالغ في بيان أن هذا الأمر لا ينبغي للإنسان الذي يقف بين يدي الله عز وجل، فإنه لو مضى إلى مقابلة إنسان عظيم فإنه يتجمل ويلبس أحسن ما يجد، ولوجد في نفسه المنقصة أن يخرج بمثل هذه الثياب، والأصل عند العلماء وضوابط العلماء التي قرروها أنه لو خرج الإنسان بالثياب الداخلية أمام الناس والملأ عامة فضلاً عن المسجد فإنه تسقط عدالته، ويعد هذا من خوارم المروءة، فالذي يخرج بثياب نومه أمام الناس في الشارع، فضلاً عن أن يدخل بيت الله عز وجل والمساجد التي يشهدها الناس على اختلاف طبقاتهم فإنه قد حرم مروءته.

ومن الحياء والخجل أن يخرج الإنسان بثياب نومه إلى بيوت الله عز وجل، فينبغي إجلال هذه البيوت، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور:٣٦]، ولذلك ينبغي للإنسان أن يشهدها وهو على أحسن وأفضل ما يكون، قال عليه الصلاة والسلام: (ما على أحدكم أن يتخذ ليوم جمعته ثوبين سوى ثوبي مهنته) أي: ما عليه من ضرر لو أنه جعل ثوباً لمهنته، وثوباً لجمعته، مع أن ثياب المهنة يقابل بها الناس، فكيف إذا كان بثياب بيته التي لا يقابل بها الناس؟ ولو أنه دعي لمقابلة إنسان يكرمه ويجله ويعظمه لما خرج بثياب نومه، ولأحس هذا الإنسان أنه يزدريه وينتقصه، فكيف بالله جل جلاله؟! ولذلك ينبغي للإنسان أن يظهر نعمة الله عز وجل عليه.

كما أن خروج الناس بمثل هذه الثياب فيه أثر نفسي على الأبناء والأطفال، فإن الأبناء والأطفال إذا رأوا آباءهم، أو رأوا كبار السن يخرجون بمثل هذه الثياب إلى المساجد احتقروا أمر الصلاة، وتقالوا أمر المساجد، ولكنهم إذا رأوهم يأخذون زينة المساجد تأسوا بهم واقتدوا بهم، فكان شعوراً نفسياً يعين على إجلال بيوت الله عز وجل ومساجده، وإجلال شعائره التي من أعظمها الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، فعلى الأئمة والخطباء أن ينبهوا الناس، وإذا رأيت إنساناً يصلي بجوارك وعليه هذه الثياب تنبهه، وإذا كان الإنسان له مكانة لا مانع أن تقرعه وتقول: إن هذا لا ينبغي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، فالحياء يدعو الإنسان ألا يخرج بمثل هذه الثياب؛ لأن هذه ثياب البيت.

<<  <  ج:
ص:  >  >>