للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم قص شعر الميت وتسريحه وقص أظافره]

وقوله: [ويقص شاربه ويقلم أظفاره]: أي: إذا أراد أن يغسل الميت يقص شاربه؛ لأن السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قص الشارب، وهي من الفطرة كما في الصحيح في حديث: (خمسٌ من الفطرة، ومنها: قص الشارب) والشارب للعلماء فيه كلام من ناحية إحفائه وقصه، فبعض العلماء يرى أن العبرة في القص أن يبدو إطار الشفة؛ لأنه إنما ندب وعُدّ من الفطرة أن يقص الشارب؛ لأنه إذا نزل الشارب على الفم أنتن وتعلقت به فضلات الطعام، والأطباء يمدحون ويفضلون تخفيف الشارب؛ لأنه قد يضيق نفس الإنسان بكثرة وجود الفضلات المنتنة على شاربه وقد يتضرر، وسيأتي الكلام -إن شاء الله- على هذه الخصال.

فلو كان شاربه طويلاً متدلياً على فمه، فتقص أطراف الشارب، وهذا من السنة، وذهب بعض العلماء إلى أن الميت لا يُقَصّ منه شيء؛ لأن أجزاءه تحفظ كما هي، وهذا القول هو الأقوى وهو الصحيح، أي: أنه لا يمس شيء منه إلا إن وجدت الضرورة والحاجة لإزالته بحيث يحكم بجوازه، كأسنان الذهب إذا أمكن إزالتها بدون ضرر، إما إذا وجد ضرر فتبقى.

فلا يزال من جسده إلا ما دل الدليل على حرمة بقائه، وأما ما عداه فيبقى على الأصل، وإنما يكلف بقص شاربه لو كان حياً، أما وقد مات فقد انتهى التكليف، فلسنا مطالبين إلا بما قاله عليه الصلاة والسلام: (اغسلوه بماءٍ وسدر وكفنوه في ثوبين) فنحن مطالبون بالغسل والتكفين، وأما بالنسبة لقص الأظفار والشعر فلا.

وقال بعضهم: إذا قصت أظفاره وضعت في الكفن، وإذا قص شيءٌ من شعره وضع في الكفن، كأنهم يرون أن الأصل أن يحافظ على كامل الجسد بما فيه، فهم يسلمون بهذا الأصل.

ولذلك نقول: إن قص الشارب والأخذ من الأظفار الأولى تركه؛ فإن فعله أحد لم ينكر عليه، وله أجر إن شاء الله؛ لأن هذا أمر اجتهد فيه بعض العلماء، ورأوا ذلك من الإحسان إلى الميت، وإن كان الذي تميل إليه النفس وتطمئن إليه -بدلالة النصوص- عدم مس شيء من هذا.

وقوله: [ولا يسرح شعره].

أي: ولا يسرح شعره خوف التساقط؛ ولذلك كرهه بعض الصحابة رضوان الله عليهم، فإذا غلب على ظنك تساقط شعره فلا تسرحه؛ لأنه سبب في زوال جزء من البدن.

وقوله: [ثم ينشف بثوب]: بعد أن بين رحمه الله صفة الغسل وطريقة الغسل، ذكر أنه إذا تم الغسل، فإنه ينشف بثوب، فيؤخذ شيء من المناديل الكبيرة وتوضع عليه، وتمر على أعلى بدنه ثم على أسفله، حتى يتم تنشيف جميع البدن، ولا يوضع مباشرة بعد التغسيل في الكفن؛ لأنه لو وضع مبلولاً على الكفن قد ينتن؛ ولذلك ينشف حتى يكون أدعى لمس الطيب له وحصول المقصود من بقاء الكفن عليه دون وجود ضرر البلل.

وقوله: [ويظفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل وراءها].

(ويظفر شعرها) أي: المرأة، (ثلاثة قرون) كما ورد في تغسيل زينب رضي الله عنها من حديث أم عطية رضي الله عنها.

(ويرمى وراءها) أي: وراء المرأة ولذلك قالوا: إن هذا يؤكد أن المعروف في النساء إنما هو ظفر الشعر ورده إلى الخلف، وأما القصات الموجودة ونحوها مما يكون في تفصيل الشعر فهذا مما أخذه بعض الناس من العادات الواردة عليهم، ولكن يقول العلماء: إنه يظفر ويسدل وراءها، وهذا أفضل ما يكون في المرأة في تسريحها لشعرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>