للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خرص الثمار والحبوب]

السؤال

في زكاة الحبوب والثمار هل في تحديد الخمسة أوسق لا بد من كيلها صاعاً تلو صاع، أم يكفي خرص أهل الخبرة، أثابكم الله؟

الجواب

باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فإذا كان عندك نخل أو كانت عندك حبوب مزروعة، فالسنة أن يرسل الإمام الخارص على أصحاب البساتين عند بدو الصلاح في النخل.

والخارص: هو الذي يخرص؛ من الخرص، والخرص: الظن والحدس والتخمين، والأصل في اعتبار الخرص ما ثبت في حديث عبد الله بن رواحة كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثه إلى نخل خيبر يخرصُه؛ لأن نخل خيبر كان مناصفة بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهود، نصفه لليهود ونصفه للمسلمين، فيحتاج أن يُخرص قبل أن يُجذ حتى يعرف كم للمسلمين وكم للعاملين والأجراء وهم الذين كانوا بخيبر.

فالشاهد: أن هذا الخارص رجلٌ عنده خبرة، يذهب إلى النخيل وينظر في النخلة فيقول: هذه النخلة إذا جذت فسيكون بإذن الله فيها -مثلاً- ثلاثون صاعاً عشرون صاعاً عشرة آصع، بخبرته؛ لأنه مع الزمان والدربة والتجربة يستطيع أن ينظر في النخلة فيخرصها، وهذا شيءٌ أقرّه الشرع، فإذا نظر إلى النخلة حدد ما فيها، ثم ينطلق إلى الثانية والثالثة حتى يجمع ما للإنسان في نخله، وبعد أن يمر على البستان بكامله يقدِّر أن في هذا البستان تسعمائة صاع مثلاً، أو ألف صاع، فإذا قدّر ألف صاع يُسقِط منها الربع، والربع هذا سبب إسقاطه أن هناك ما يسقط بسبب الريح، وهناك ما يسقط بسبب الرقي على النخل، وهناك ما يأكله الطير، الذي هو نقر الطير، وهناك الهبة والعطية يهبها صاحب النخل، وهذه هي السنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخرّاص أن يتجاوزوا في حدود الربع، فهذا الربع يُترك لصاحب المال، فيقدر بما دون ذلك، فيقول: هذا النخل فيه سبعمائة وخمسون صاعاً، لا يقول: ألف، مع أنها ألف صاع لكن يُسقط منها الربع إعمالاً لما ذكرناه من السنة الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه وصّى الخرّاص أن يُسقطوا هذا القدر؛ لأن في المال طعمة الطير، وفيه الساقط، وفيه الهبة والعطية ونحو ذلك، فهذا يعتبر في الخرص، أما أن ننتظر حتى يجذ ثم يكيل كل ما جذه فلا، وإنما يقدر قبل الجذاذ، وهكذا الحبوب تقدر وهي في سنابلها، ثم بعد ذلك إن جذ يطالب بإخراج القدر الواجب عشراً أو نصف عشر على التفصيل الذي سيأتي إن شاء الله تعالى.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>