للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تيقن الطهارة والحدث مع جهل السابق منهما]

هنا مسألة: وهي لو أنك تيقنت الوضوء وشككت في الحدث فتعتبر نفسك متوضئاً، ولو تيقنت الحدث وشككت في الوضوء فإنك تعتبر نفسك محدثاً، فلو أن إنساناً قال لك: أنا متأكد أنني توضأت، ومتأكد أنني أحدثت، ولكن لا أدري أيهما السابق؟ أهو الوضوء السابق أم الحدث؟ فما الحكم؟ إذا كانت القاعدة تقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأنا على يقين أنني توضأت قبل المغرب وعلى يقين أنني دخلت لقضاء حاجتي وأحدثت، وأشك هل الذي سبق هو الوضوء والآن أنا محدث، أو الذي سبق هو الحدث وأنا الآن متطهر؟ هذه المسألة أصح الأقوال فيها: أننا نطالبه بالتذكر قبل الحدث والوضوء، فإذا تذكر شيئاً جزم بعكسه، فنقول له: قبل أن تدخل وقبل أن تقضي حاجتك وتتوضأ ما الذي تذكر؟ قال: أذكر أنني قضيت الحاجة.

إذاً تيقنا حدثاً قبل الاثنين، وتيقنا بعد ذلك الحدث طهارة، فنقول: أنت على يقين من كونك متطهراً حتى نجزم بأن الحدث المصاحب لاحق لا سابق.

توضيح أكثر: الرجل يقول: قبل الظهر تيقنت بأنني دخلت لقضاء الحاجة، وقبل الظهر أذكر أنني توضأت وانتهيت من طهارتي، إذاً هو يجزم بكونه متوضئاً ويجزم بكونه محدثاً، فإذا جئت تقول له: الأصل بقاء ما كان على ما كان، يقول لك: أي الأصلين أعتبر؟ أنا على يقين من الطهارة وعلى يقين من الحدث؟ ولكن لا أدري أيهما السابق؟ نقول له: ما الذي كنت عليه قبل هذا الشك، أي: قبل الحدث والوضوء المتأخر؟ ماذا كنت عليه وقت الضحى؟ قال: في الضحى أجزم بأنني كنت متوضئاً لصلاة الضحى.

إذاً: معنى ذلك أنه في الضحى كان على طهارة، ثم حصل عندنا وضوء وحدث، فتيقنا حدثاً بعد طهارة الضحى، إذاً نحن على يقين من أن طهارة الضحى قد انتقضت بالحدث المصاحب للطهارة، ونشك في كون الطهارة وقعت بعد الحدث الثاني أو لا فنلغيها، ونبقى على اليقين.

هذا معنى قولهم: يؤمر بالتذكر قبل الحدث والطهارة فيأخذ بالعكس، ولو قال: أتذكر قبلهما حدثاً وطهارة أيضاً، أي: أنا على يقين أنني قبل الظهر قضيت الحاجة وتوضأت، ولا أدري السابق، وعلى يقين أنني توضأت للضحى وأنني أحدثت، ولكن لا أدري أقبل صلاة الضحى أو بعد صلاة الضحى، نقول: يأخذ نفس الحكم، فيؤمر بالتذكر قبل الاثنين، أي: قبل الشك الأول وقبل الشك الثاني ثم يأخذ بالمثل، فإذا كان قبلهما قد تيقن وقال: كنت عند شروق الشمس على طهارة صلاة الفجر وصليت ركعتي الإشراق، فنقول: قد تيقنت بعد ذلك الوضوء حدثاً، وهو الحدث الأول، وتيقنت طهارة في الشك الثاني، وشككت في تأثير الحدث عليها، إذاً: فأنت الآن متطهر، ومن ثم قالوا: في الأوتار يأخذ بالعكس، وفي الأشفاع يأخذ بالمثل، أي: يؤمر بالتذكر، فإن كانت الحالات شفعية يأخذ بالمثل، وإن كانت وترية يأخذ بالعكس، فلو قال: أتذكر وضوءاً وحدثاً قبل الآن، نقول له: أنت على عكس ما تذكر قبل الوضوء والحدث، هذا في الوتر، وإن قال: أذكر اثنين: وضوءاً وحدثاً ثم وضوءاً وحدثاً، فنقول: تذكر ما قبلهما وخذ بالمثل؛ لأنه تذكر أنه متطهر فثبت له حكم الانتقاض بالشك الأول، وحكم الطهارة بالشك الثاني، فيأخذ بالمثل في الأشفاع ويأخذ بالضد في الأوتار، ولو بلغت أربعاً كأن يقول: أنا متأكد أنني في الضحى كنت على حدث وطهارة، وكذلك أيضاً عند الإشراق كنت على حدث وطهارة، وكذلك عند الفجر كنت على حدث وطهارة، فإنه يأخذ بالعكس كما قلنا في الأوتار، وبالمثل في الأشفاع، وهذا معنى قولهم: (الأصل بقاء ما كان على ما كان).

<<  <  ج:
ص:  >  >>