للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً

قال رحمه الله: [وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاً أو بالعكس، أو أقر له ببيت فصالحه على سكناه سنة، أو يبني له فوقه غرفة، أو صالح مكلفاً ليقر له بالعبودية أو امرأة لتقر له بالزوجية بعوضٍ؛ لم يصح] قوله: (وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاًّ) هذه المسألة مثل المسألة المتقدمة.

ففي هذه الحالة يقول العلماء: لا يصح الصلح على أن يجعل بعض ماله عِوضاً عن بعض، ولا يمكن أن نسميه صلحاً، لأنه لا يمكن أن تجعل مالك في لقاء مالك، وإنما يكون الصلح بشيءٍ من خصمك لقاء شيءٍ منك، لكن أن يكون الكل منك أنت، وتجعل هذا مركباً على هذا، فليس هذا على الصلح الجاري على السَنَد المعتبر شرعاً (الصلح بالمقابلة).

فإنه إذا قال له: هذه الألف لقاء سيارتك، فيقول: قبلت، فالسيارة ملك للخصم، والألف ملكٌ لخصمه، وحصلت المقابلة، فهي معاوضة وبيعٌ تام، لكن إذا جعل بعض الألف لقاء بعض، والكل لرجل واحد، فإنه لا يصح أن يجعله بيعاً؛ لأن المال كله لشخصٍ واحد، ولا أن يجعله إجارة.

فليس من حقه أن يقول: أنا أعترف لك بالبيت على أن أسكنه شهراً، وليس من حقه أن يقول: أنا أعترف لك بالبيت على أن أسكنه سنة، ولا يصح أن يقول أيضاً: أعترف لك بالسيارة وأُقر لك بالسيارة على أن أركبها يوماً أو شهراً أو أسبوعاً أو سنة؛ لأن هذا كله مقابلة بحقي لقاء حقي، وهذا لا يمكن أن تتحقق به المقابلة المعتبرة شرعاً، فالمسألة مسألة تنظير.

وسواء جعله بالأعيان مثل أن يقول له: معجّل بمؤجل، أو مؤجل بمعجل، فالذي تعجل أسقطه في لقاء المؤجل، فالذي أسقطه والذي أخذه كلاهما حق من حقوقه، فأين المقابلة؟ فلا يصح معجل بمؤجل، ولا يصح مؤجل بمعجل، لأن فقه المسألة يدور حول معاوضة بملكية لشخص واحد ولطرف واحد وهو الخصم، ولا يصح ذلك ولا يتأتى بالمقابلة بأن صالحه بالمعجل على المؤجل أو العكس، أو على أن يعطِي له معجلاً لقاء مؤجل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>