للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ضوابط الاشتراك في الربح]

قال رحمه الله تعالى: [وأن يشترطا -لكل منهما- جزءاً من الربح مشاعاً معلوماً، فإن لم يُذْكر الربح، أو شرطا لأحدهما جزءاً معلوماً، أو دراهم معلومة، أو ربح أحد الثوبين لم تصح، وكذا مساقاة ومزارعة ومضاربة]: - فقوله رحمه الله: (وأن يشترطا لكل منهما جزءاً من الربح مشاعاً معلوماً): الشركة تقوم على ثلاثة أشياء مهمة: رأسُ المالِ الذي سيستثمر، ثم العمل والربح الذي يُنتجُ ويُثمرُ.

فأما بالنسبة لرأس المال فقد ذكرنا شروطه.

وبالنسبة للعمل فستأتي بعض الأحكام التي سنذكرها وننبه فيها على اختلاف بعض الشركات؛ لكن من حيث شركة العنان فإن العمل يكون من الطرفين، ويجوز أن يعمل أحدهما ويسامح الآخر، ولا بأس بذلك، فمثلاً: لو أننا اشتركنا بعشرين ألفاً دفع كل واحد منا عشرة، ثم اشترينا بهذه العشرين محلاً تجارياً، فكان أحد الشريكين يأتي إلى المحل بما يقارب من العشر ساعات، ويأتي الآخر في حدود ساعة، فهذا لا يضر، ما دام أنهما متفقان وبينهما تراضٍ فلا إشكال؛ لكن في أصل الشركة العمل يكون بينهما.

فبالنسبة لشركة العنان فيها اشتراك في المال وهو رأس المال، واشتراك في العمل الذي يُستثمَر به رأس المال؛ لكن من ناحية الربح فالربح بين الطرفين، وبناءً على ذلك لا يصح في شركة العنان أن ينفرد أحدهما بالربح فيقول: أشاركك بعشرة آلاف منك وعشرة آلاف مني على أن الربح لي وحدي، فهذا لا يجوز، أو يقول له: أشاركك بعشرة آلاف منك وعشرة آلاف مني والربح كله لك، لا يصح، فلابد أن يكونا شريكين في الربح؛ لأن مقتضى الشراكة يقتضي هذا، وأجمع العلماء رحمهم الله على صحة شركة العنان إذا وقع الاتفاق على الاشتراك في الربح.

لكن يرد

السؤال

ما هي ضوابط الاشتراك في الربح؟ اشترطنا في الربح الاشتراك؛ لأن الربح في الأصل ناتج عن رأس المال، وإذا كان الربح ناتجاً عن رأس المال فمعناه أنني أستحق كما تستحق، فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد به كما ذكرنا.

وكذلك أيضاً ينبغي أن يكون هذا الربح الذي يتفق عليه الطرفان ربحاً مشاعاً، فيقول له: تدفع عشرة آلاف وأدفع أنا عشرة آلاف، على أن الربح بيننا، فلك نصف الربح ولي نصف الربح.

هذا النوع من شركة العنان، إذا كان رأس المال متساوياً، والعمل متساوياً، والربح متساوياً، فبإجماع العلماء على أنها شركة شرعية، ولا إشكال فيها، إذا اتفقا على رأس مال متساوٍ، والعمل كان بينهما، وكان نسبة الربح بينهما متساوية، فبالإجماع على أنها شركة جائزة، ولا حرج في هذا النوع من التعامل.

لكن لو أن أحدهما اشترط الربح دون الآخر فذلك لا يجوز.

وقد قال بعض العلماء: لا خلاف.

وقال بعض العلماء: أجمع كل من نحفظ عنهم العلم أنه لا يجوز لأحدهما أن يستأثر بالربح.

وبعضهم يحكي الإجماع بصيغة (الإجماع)، وبعضهم يحكي الإجماع بصيغة: (لا خلاف)، فليس هناك أحد من العلماء يقول: من حقه أن يستأثر بجزء من الربح.

وبناءً على هذا: فإننا نقول: إنه إذا قال له: الربح كله لي، فلا يجوز.

وإذا قال له: الربح بيني وبينك، فإنه يجوز ويُشرَع.

وهذا الجزء من الربح ينبغي أن يكون مشاعاً، والمشاع هو المشترك على الشيوع، يقول له: لي النصف ولك النصف، أو لي ثلاثة أرباع الربح، ولك الربع، أو لي الثلثان ولك الثلث، فإن الثلث والربع والنصف كل منها جزء مشاع، وعلى هذا لا يجوز أن يُدخِل نسبة مبهمة، كأن يقول له: لك جزء من الربح ولا يحدد.

إذاً: إذا قال له: لك جزء من الربح، أو أعطيك من الربح شيئاً، فلا يجوز.

أو قال له: أرضيك من الربح، فإن هذا يعتبر جهالةً موجبةً لعدم صحة الشركة، وعدم صحة التعاقد على هذا الوجه الموجب للغرر، بل لابد أن يعلم نسبته من الربح، وكم له من ذلك النتاج الذي يكون من استثمار الشركة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>