للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القوامة للرجال على النساء]

فقوله: [ولا تؤجر المرأة نفسها بغير إذن زوجها].

لا تؤجر نفسها لخدمة أو عمل أو نحو ذلك إلا بإذن زوجها، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:٣٤] فمما جعله الله عز وجل على الرجل أنه يقوم على أمر امرأته.

فعلى الزوج أن ينتبه؛ لأن الزوج راع ومسئول عن رعيته، والمرأة من رعيته، فإذا نظر أن المصلحة في خروجها للعمل أذن لها وأعانها، وخاصة في هذا الزمان، فكم من صالحة ينفع الله بخروجها للتعليم أو التوجيه أو نحو ذلك مما فيه خير لها وللأمة! ولا ينبغي للرجال أن يجحفوا بحقوق النساء أو يظلموهن أو يضيقوا عليهن، وإذا رأى أن الخير لها أن تمتنع فأوصي المرأة أن تحمد الله عز وجل، وأن تطيع زوجها، فوالله الذي لا إله إلا هو! ما من امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسمع وتطيع لبعلها إيماناً بالله -وخاصة إذا وجدت منه غيرة وحب الخير لها- واحتساباً للثواب عند الله عز وجل إلا أقر الله عينها في الدنيا والآخرة.

وعليها أن تسلم وترضى، وألا تتعالى على حكم الله عز وجل، بل ترضى بذلك وتقنع به بنفس مطمئنة، فمن رضي فله الرضا، والله عز وجل قد وعد من سمع وأطاع بالفلاح والفوز، وهذا شامل لفلاح الدين والدنيا والآخرة، وفوز الدين والدنيا والآخرة، وعلى المرأة أن تنظر في حالها، فإنه ما من ساعة وما من يوم يمر عليها وهي تسمع لزوجها وتطيع بالمعروف إلا وجدت في سمعها وطاعتها له من الخير ما الله به عليم! وكم من الحوادث والقصص رأيناها في النساء الصالحات اللاتي أمرهن أزواجهن فأتمرن، ونهاهن أزواجهن فانتهين؛ فجعل الله لهن في ذلك الأمر والنهي من الخير ما الله به عليم! وكم من فتنة تنتظر المرأة في خروجها، فيسلط الله زوجها فيمنعها من الخروج، فإذا اتقت حبسها الله عن فتنة ربما لو أنها خرجت لضلت وأضلت، ولكن الله لطف بها بالسمع والطاعة، وهذا مجرب، ولذلك كان بعض المشايخ رحمة الله عليهم يقول: ما رأيت مثل أمرين في الأمر والنهي من عصيان الأمر والنهي فيهما: أما الأمر الأول: فالوالدين.

وأما الأمر الثاني: ففي الزوجة مع زوجها.

فقل أن تجد ابناً باراً أو بنتاً بارة بأبيها أو أمها، فتؤمر بشيء أو تنهى عن شيء من والديها إلا جعل الله لها العاقبة، إن عاجلاً أو آجلاً، وقل أن تجد امرأة يأمرها زوجها أو ينهاها وتسمع وتطيع في غير معصية الله عز وجل إلا جعل الله لها العاقبة في دينها ودنياها وآخرتها، فالمرأة ينبغي أن تتلقى ذلك بالصدر الرحب وبالنفس المطمئنة.

ومن أفضل ما كان يوصى في مثل هذا: أن يحسن الظن، فلا تنظر المرأة إلى أن هذا استبداد من الرجل، بل عليها أن تفسره بأنه غيرة ومحبة، والرجل الكامل الغيور إذا غار على مصلحة امرأته فلا يلام على ذلك؛ لأن هذا من كمال رجولته، ومن كمال مكانة المرأة في قلب زوجها.

فالمقصود: أنه ينظر في الأصل نحو الأفضل، فإذا اتقى الزوج ربه فمنع أو أمر فإنه إذا أصاب كان له الأجران، وإذا أخطأ كان له الأجر الواحد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>