للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تحديد موعد للتسليم هل يرفع المسئولية عن الأجير بعد المدة]

ومما يتفرع عن هذا المسألة الموجودة الآن أن بعض الغسالين يقول لك: هذا الثوب أغسله لك وأنا مسئول عنه في حدود أسبوع، فإذا لم تأتِ بعد أسبوع فلستُ بمسئول عنه، فشرطه هذا شرط باطل ولا عبرة به، ولو حضرت بعد عشر سنوات فثوبك أمانة عنده شاء أم أبى؛ لأن قوله: لست مسئولاً عنه بعد أسبوع معناه أنه قد أخلى يده كلية عن الثوب، والثوب أمانة عنده، لا تزول يده عن الأمانة إلا بالتسليم.

ولو قال قائل: إنه قد اشترط والمسلمون على شروطهم! قلنا له: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط؛ لأن الذي في كتاب الله أن أخاك المسلم قد استودعك هذا، فهب أنه جاءه ظرف فعطله عن أن يأتيك خلال أسبوع، أفتسقط حقوق الناس وتضيع أموالهم بمثل هذه الشروط؟ فإذاً وجود الشرط وعدمه على حد سواء؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله، فالعبرة بالشروط إذا كانت موافقة للشرع لا مضادة له موجبةً لضياع أموال الناس، وقد حرم الله عز وجل إضاعة المال.

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) وهذا من إضاعة أموال الناس، ولذلك لا يعتبر هذا الشرط ملزماً ولا يترتب عليه تبعية، فنحن نقول: إن الغسَّال من حيث الأصل مطالب بأن يبذل ما في وسعه لغسل الثوب، والخياط مطالب بأن يبذل ما في وسعه لخياطة الثوب؛ فإن أردت أن تضمنه ضمنته من وجوه: الوجه الأول: أن يأتي بضرر ناشئٍ عن فعله، كأن تعطيه زجاجاً من أجل أن يقصه، أو يصنعه على شكل معين، أو يضعه في نافذة فلما جاء يحمل الزجاج سقط من يده وانكسر، أو انكسر أثناء عمله، أو أثناء قصه، فإنه يضمن مثل هذا الزجاج؛ لأنه تلف بفعله.

وهذا لأن على اليد ما أخذت حتى تؤديه، فيلزمه أن يضمن مثله، فإذا لم يوجد مثل ذلك الزجاج؛ فإنه يضمن قيمته، وقد بينّا هذا في مسائل الضمان بالمثل، والضمان بالقيمة، على التفصيل الذي تقدمت الإشارة إليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>