للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم الإفطار في صيام القضاء]

السؤال

هل يجوز الإفطار في يوم صيام القضاء، وإن لم يكن، فماذا يترتب عليه؟

الجواب

للعلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة قولان مشهوران: من أهل العلم من قال: لا يجوز للمسلم أن يفطر في قضاء رمضان، وذلك لأنه فرضٌ عليه، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤]، أي: فأفطر، فيجب عليه أن يصوم عدةً من أيام أخر، فهي فرعٌ عن أصل واجب، والقاعدة: (أن الفرع يأخذ حكم أصله) فلا يجوز له أن يفطر على هذا الوجه، وإذا أفطر متعمداً كان كمن تعمد الفطر في رمضان، فيفصل فيه بين وجود العذر وعدم وجود العذر، حتى قال بعض الفقهاء من المالكية: من أفطر في القضاء متعمداً كان كمن أفطر في رمضان متعمداً، فيلزمه القضاء والكفارة؛ ولذلك جعلوا هذا القضاء منزلاً منزلة الأداء، حتى قالوا: لو جامع في القضاء وجبت عليه الكفارة؛ لأن الله تعالى قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤]، ولأن القاعدة تقول: (القضاء يحكي الأداء)، و (البدل يأخذ حكم مبدلِه) فيجب عليه الضمان من هذا الوجه.

وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز له أن يفطر، وهذا مذهب مرجوح ضعيف، والصحيح: أنه لا يجوز له في القضاء أن يفطر إلا من عذر؛ وذلك لقوة الأدلة التي ذكروها من الكتاب في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤]، أي: فأفطر فعليه عدةٌ من أيام أخر، أي: يلزمه أن يصومها، فإذا ثبت أنها منزلةٌ منزلة رمضان فحينئذٍ يكون حكمها حكم رمضان لعدم وجود دليل على الفطر فيها.

أما الدليل الثاني: فدليل المفهوم، فهنا دليل منطوق وهناك دليل مفهوم، ودليل المفهوم مستنبط من قوله عليه الصلاة والسلام: (المتطوّع أمير نفسه)، مفهوم الصفة في قوله: المتطوع، يدل على أن غير المتطوع ليس بأمير نفسه، فلما قال: (المتطوع أمير نفسه)، يعني: من حقك أنك إذا كنت في صيام تطوع أن تفطر إذا شئت ولو لم يوجد عذر، وهذا بظاهر المنطوق، ومفهومه أن غير المتطوع ليس بأمير نفسه؛ لأن المفهوم عكس المنطوق كما هو معلوم، وبناءً على ذلك: اجتمعت دلالة المنطوق والمفهوم على عدم جواز فطره في قضاء رمضان إلا إذا وجد العذر، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>