للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم إمامة المتيمم بالمتوضئ]

السؤال

إذا كان هناك رجل متوضئ وآخر متيمم، فمن يقدم للصلاة؟

الجواب

هذه مسألة ذكرها العلماء رحمة الله عليهم في آداب الإمامة، فقالوا: إن من آداب الإمامة ومسائل التقديم فيها أنه إذا اجتمع متيمم ومتوضئ فلا يصلي المتيمم بالمتوضئ، وهذا في الحقيقة محل نظر، وأما دليلهم فقالوا: إن المتيمم مرخص له، والقاعدة في الأصول: أن الرخص لا يتجاوز بها محالها، وبناءً على ذلك قالوا: لا يستبيح بالتيمم أن يصلي بغيره، خاصة على المذهب الذي يقول: إن الإمام يحمل الفاتحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الإمام ضامن) وإن كان الصحيح: أنه لا يحمل.

والذي تدل عليه السُّنة -وهو أقوى وأقرب إلى الصواب إن شاء الله- أنه يجوز أن يصلي المتيمم بالمتوضئ، ولكن بشرط أن يكون إماماً راتباً أو أميراً أو نحو ذلك؛ والدليل على ذلك حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، فإن عمرو قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:٢٩] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً)، فقالوا: هذا يدل على جواز إمامة المتيمم بالمتوضئ، ولكن محل ذلك أن يكون إماماً راتباً، كأمير السرية أو أمير السفر أو قائد الجند إذا كان يصلي بهم وهو إمامهم ثم أصابته جنابة، فيصلي بهم ولو كان جنباً؛ لظاهر حديث عمرو.

أما لو أن اثنين استويا في المرتبة ووجدنا متوضئاً ووجدنا متيمماً فلا شك أن الخروج من الخلاف أولى، فنقول للمتوضئ: صل بالمتيمم؛ لأنه إذا صلى المتيمم بالمتوضئ شككنا في الصلاة، ولكن إذا صلى المتوضئ بالمتيمم صحت الصلاة قولاً واحداً، ولذلك ينبغي صيانة الصلاة من هذا الخلل، فنقول يصلي المتوضئ بالمتيمم إن استويا، أو كانوا بلا إمام راتب في الناس فلا يتقدم عليهم المتيمم، وإنما يقدم المتوضئ، وهذا من آداب الإمامة، وعلى الإمام ألا يعرض صلاة من وراءه للخلل أو الخلاف، بل عليه أن يحتاط لهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>