للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السبب في وجوب سداد الحقوق التي على الميت]

والسبب في تشديد الشريعة في هذا الأمر ونصّ العلماء رحمهم الله على أهمية قضاء الديون: لما فيها من حقوق العباد، فإن حقوق الناس والخلق مبنية على المشاحة والمقاصّة، وإن من الظلم أن يكون الإنسان قادراً على سداد ديونه، ويؤخر الناس في سدادها.

قال صلى الله عليه وسلم: (مطل الغني ظلم يبيح لومه وعرضه)، يعني: أن من امتنع عن سداد حقوق الناس فإنه ظالم، فإذا كان الميت قد ترك سداداً وامتنع ورثته من السداد، فقد أصبح الظلم من جهتين: ظلم لأصحاب الحقوق بتأخيرها، وظلمٌ للميت حينما تُرهن نفسه وتُعلق.

وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يغفر للشهيد كل شيء)، ثم نزل عليه الوحي فقال عليه الصلاة والسلام: (إلا الدين سارّني به جبريل آنفاً)، فالشهيد الذي له المنزلة والمكانة، وهو الذي يُغفر له عند أول قطرة من دمه، ويؤمَّن من الفتان، ويبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، ويزمّل في ثيابه حتى تشهد له دماؤه وجراحه كما قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد: (زمِّلوهم في ثيابهم، فإني شفيع لهم وشهيد بين يدي الله).

فهذه المنزلة العظيمة التي تبوأها الشهيد حتى أَُمِّن من عذاب القبر، لم يفك عنه حقوق الناس.

فالواجب أن يحتاط الإنسان، وألا يدخل في الدين إلا مِن حاجة ماسة، وإذا دخل في الدين سأل الله المعونة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>