للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التكليف]

قال رحمه الله: [وشروطه: التكليف]: لماذا يدرس طالب العلم شروط الولي؟ أولاً: لكي تعرف أن الولي شرطٌ في صحة عقد النكاح، فلو سألك سائل: زوَّج فلانٌ فلاناً بنته هل يصح النكاح؟ تعرف أن من شروطه الولاية، فهل فلان هذا الذي زوج هذه المرأة ولي لها أو لا؟ وإذا كان ولياً لها فهل الشروط المعتبرة في الولي متوفرة فيه أو لا؟ فنبحث الشروط التي سيذكرها المصنف رحمه الله، فلا يمكن لنا أن نقول لكل شخص: تعال ولياً للزواج، ولا يمكن أن نقبل كل شخص للولاية في النكاح، فهناك نواقض من ناحية الدين ومن ناحية الأمانة من ناحية الصفات في الرجل ذاته، فلابد من توافر شروط لكي نحكم بصحة الولاية.

إذاً: عندنا جانبان: أولاً: نثبت شرط الولاية، وقد بينا دليله من السنة.

ثانياً: ما هي صفات الولي أو الشروط المعتبرة في الولي؟ جمهور العلماء على اشتراط الولي، وخالف الإمام أبو حنيفة النعمان عليه من الله الرحمة والرضوان فقال: يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، واستدل بقوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٣٢] فقال: أسند النكاح إلى النساء وقال: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:٢٣٢] وهذا ضعيف، ولذلك يقول الإمام الشافعي: إن هذه الآية حجة لإثبات الولي أكثر من أنها حجة لإلغاء الولي؛ لأن الله خاطب الأولياء فقال: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة:٢٣٢] فدل على أن المرأة إذا كان من حقها ورأت أنه صالح لها لو كانت تلي نفسها لكان أباح الله لها أن تتزوج؛ لكن لما وقف الأمر على مخاطبة الأولياء: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:٢٣٢] دل على أن النظر للأولياء، وأن الذي يلي عقد النكاح إنما هم الأولياء وليس النساء.

ومما يدل عليه كذلك: قوله تعالى: {وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة:٢٢١] فوجه الخطاب للأولياء، وهذا يدل على اشتراط الولاية، ناهيك عن صريح السنة فيما ذكرناه من حديث ابن عباس رضي الله عنه وعائشة وأبي هريرة رضي الله عن الجميع كما تقدم.

قوله: [التكليف]: والتكليف بينا أنه يكون بالعقل والبلوغ وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ بدم أو حمل وبينا هذا، فإذا قيل: التكليف، فلابد من شرطين: البلوغ: فلا يصح أن يكون الولي صغير السن صبياً، فلو أن امرأة لديها أخ عمره اثنتا عشرة سنة ولم يبلغ، وليس عندها أب ولا أولياء أقرب من الأخ الشقيق، فجاء أخوها الشقيق وزوجها من رجل، فإن هذا النكاح لا يصح؛ لأن الولاية شرط في صحة عقد النكاح وهذا الصغير ليس بولي؛ لأن من شرط صحة عقد النكاح التكليف، والصبي غير مكلف.

وهكذا المجنون، فالتكليف شرطه البلوغ والعقل، فلو كان مجنوناً لا يصح أن يلي عقد النكاح، ولو كان سكراناً؛ فمن شرب الخمر أو تعاطى المخدرات، وأثناء تعاطيه للمخدرات زوَّج أخته أو زوَّج بنته وقال: يا فلان! زوجتك بنتي فلانة، لم يصح؛ لأننا قلنا: شرطه العقل، فمثل هذا لا يصح إنكاحه وتزويجه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>