للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من المحرمات إلى أمد المحصنة والمعتدة]

قال رحمه الله: [وتحرم المعتدة والمحصنة].

قوله: (وتحرم المعتدة) قال تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة:٢٣٥]، فالمرأة المعتدة من طلاق تنتظر حتى تتم عدتها، وبعد ذلك تحل للأزواج، فلا يجوز أن ينكحها في حال عدتها، وقد حرم الله عز وجل المرأة المحصنة والمعتدة، وهذا مانع جديد غير المانع السابق.

قوله: (والمحصنة) هذا مانع الزوجية.

وضابط الزوجية: أن تكون المرأة في عصمة الغير، والدليل على ذلك في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:٢٤] عطف المحصنات من النساء على قوله: (حرمت)، أي: حرمت عليكم المحصنات من النساء، والمحصنة: هي المرأة المزوجة؛ لأن الإحصان يطلق على الزواج، فيقال: أحصن الرجل إذا تزوج: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:٢٥]، فهنا الإحصان الأول بمعنى الزواج، ويطلق الإحصان بمعنى العفة: حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل ومنه قوله تعالى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء:٢٥] يعني: عفيفات غير زانيات، قوله: (مسافحات) يعني: زانيات، والسفاح هو الزنا، {وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَان} [النساء:٢٥] يعني: متخذات أصدقاء مثلما يقع عند أهل البغي والفجور.

فالمقصود: أن المرأة المحصنة في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} [النساء:٢٤] من المحرمات إلى أمد، وهي: كل امرأة في عصمة الغير، فلا يجوز للرجل أن يتزوج منكوحة غيره، وإذا تزوج منكوحة غيره فهو زانٍ، هذا إذا كان يعلم أنها منكوحة لغيره، ويعلم بالتحريم، فحكم هذا أن يرجم إن كان محصناً.

والمرأة التي هي الزوجة إن رضيت به، أو كذبت وقالت: ما لي زوج ولها زوج، وتزوجت بزوج ثان عالمة بالحكم فهي زانية وترجم بزناها، هذا إذا ثبت عند القاضي أنها فعلت ذلك توصلاً إلى وطئه، ويكون حينئذٍ طلباً للزنا؛ لأن العقد باطل، فكأنها تبيح له ما حرم الله عز وجل دون إذنٍ شرعي فهو زنا.

فالمقصود: أن المرأة المحصنة لا يحل نكاحها، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} [النساء:٢٤]، ويتبع ذلك المعتدة، فالشريعة حكمت بأن المعتدات في حكم الزوجات، وفائدة العدة أن يقوم الزوج بردها؛ وذلك لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:٢٢٨] فجعل المرأة المعتدة تابعة لبعلها، فقال: (وبعولتهن) وهذا يدل على أنها لا تنكح، ولا يجوز للغير أن يدخل على زوجة الأول إلا بعد خروجها من العدة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>