للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نصيحة للزوجين عند الغضب]

السؤال

عند ثوران الغضب وشدته بين الزوج وزوجته بماذا يوصى كل منهما دفعاً لوقوع ما لا تحمد عقباه؟

الجواب

الغضب بلاء من الله يبتلي به العبد، وللغضب أسباب، فإذا وجدت أسباب الغضب فإن النفس الإنسانية قد تخرج عن طورها، وتجاوز حدودها إلى ما لا تحمد عقباه؛ ولذلك يزل الغضبان في بعض المواطن، فيتلفظ بما لا يجوز أن يتلفظ به، ولربما يعتدي حدود الله، فتبطش يداه، أو يفعل أمراً لا يجوز له فعله، وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يسأل ربه أن يصرف عنه الغضب، وأن يصرف عنه عواقبه الرديئة، ووساوسه المردية، وأسبابه المفضية إليه.

وعلى المسلم أن يأخذ بالعلاج النبوي الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الرجل الذي قال: (يا رسول الله أوصني.

فقال: لا تغضب، قال زدني.

قال: لا تغضب، قال: زدني.

قال: لا تغضب) فكرر له الوصية ثلاث مرات، فالغضب فيه نفخ من الشيطان؛ ولذلك استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من نفخ الشيطان، فهو ينفخ في الإنسان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه، واحمرار وجهه) فهذا من نفخ الشيطان.

وعليه أن يذكر الله عز وجل، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر على رجل وهو في ثورة الغضب، قد احمرت عيناه، وانتفخت أوداجه، فقال عليه الصلاة والسلام: (أعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقيلت للرجل؛ فذهب عنه مايجده).

الله أكبر! إذا رزق الإنسان ذكر الله جل جلاله، فإنه خير للعبد في الدين والدنيا والآخرة، وهو من أفضل الأعمال، وأزكاها عند رب العزة والجلال، وأعظمها في بلوغ العبد لسعادة الدنيا والآخرة؛ والذكر ينقسم إلى قسمين: الذكر المطلق، والذكر النسبي، والذكر النسبي: هو الذي يكون للمناسبة، وللحال، فمثلاً: إذا رأيت شراً؛ تقول: أعوذ بالله، فالاستعاذة مناسبة للشخص، وإذا رأيت خيراً؛ تقول: اللهم إني أسألك من فضلك، فهذا ذكر مناسب للحال، فلما كان العبد في هذه الحالة؛ ما بين نفس أمارة، وشيطان يريد به الشر، وبواعث تهيج هذه الأمور، وتقويها، وتدعو النفس إلى مجاوزة حدودها؛ التجأ إلى الله سبحانه وتعالى، وقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:٢٠٠]، والله تعالى وعد من استعاذ به أن يعيذه، وما أمرنا الله أن نستعيذ به إلا لما هو خير لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا؛ ومن لم تنفعه الاستعاذة لأنه استعاذ بقلب منصرف، لا يستحضر عظمة الله جل جلاله؛ وقد ورد أن الشيطان يضع خياشيمه، وخرطومه على قلب العبد، وينفخ فيه، فإذا امتلأ القلب بالإيمان انصرف الشيطان؛ لأنه ليس هناك أقوى من الإيمان بالله جل جلاله؛ وفي الحديث الصحيح أن العبد إذا انكفأ؛ فقال: تعس الشيطان؛ انتفخ الشيطان، وتعاظم، لكن إذا ذكر الله انخنس الشيطان، فذهب كالخردلة حقيراً مدحوراً بذكر الله جل جلاله، فنوصي الغضبان: أن يذكر الله جل جلاله؛ ويقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، ونحو ذلك من الاستعاذات الواردة في الشرع.

ومما يذهب الغضب: الوضوء، فإن الوضوء يطفئ ثورة الغضب.

ومما يذهب الغضب: تغيير الحال؛ فإن كان قائماً قعد، وإن كان قاعداً قام، وإن كان في البيت خرج منه، وإن كان في مكان لجج وخصومة؛ فارق مجلس اللجج والخصومة: {وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:٦٨]، فإذا رأى قوماً يستزلونه إلى الشر وأسباب الغضب، فينبغي أن يتركهم، ويهجرهم، ويفارق مجالسهم؛ حتى لا يستزله الشيطان فيقع ما لا تحمد عقباه.

نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، بأسمائه الحسنى أن يعيذنا من نزغات الشياطين؛ إنه هو السميع العليم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>