للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بداية زمن الحيض]

قال رحمه الله: [لا حيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين]: يقول المصنف رحمه الله: (لا حيض قبل تسع سنين) أي: لا حيض للمرأة إذا كان عمرها دون تسع سنين، وهذه المسألة تُعرف عند العلماء ببداية زمن الحيض، ونظيرها: نهاية زمن الحيض.

والعلماء يبحثون مسألة بداية الحيض ونهاية الحيض؛ لأن المرأة ربما يصيبها الدم وهي بنت ثمان سنوات -فرضاً- فهل نحكم بكونها حائضاً، أو نقول: إن الدم دم استحاضة؟ فإن جعلت للحيض زماناً يُبتدأ فيه الحكم بكون المرأة حائضاً فتقول: ما قبله استحاضة، وأي دم يصيب المرأة قبل هذا الأمد تحكم بكونه استحاضة، ولا تحكم بكونه حيضاً، فلو أن المرأة أصابها الدم وهي بنت ثمان سنوات ثم سألت، فإن قلت: الحيض يأتي قبل التاسعة وكان على أمد الحيض وجاوز إلى أمد الحيض فتقول: إنها بالغة وحكمها حكم الحائض.

أما لو قلت: التسع سنوات أمد؛ فإنك تحكم بكونها مستحاضة ولم تبلغ بعد، وهي في حكم الطفلة، والدم الذي معها دم عارض وليس بدم طبيعة ولا جبلة.

ومسألة أقل زمان الحيض فيها أقوال: قال بعض العلماء: أقله تسع سنوات، ويكاد يكون هذا القول للجمهور.

والقول الثاني: أن أقل زمن تحيض فيه المرأة ست سنوات.

والقول الثالث: أنه اثنتا عشرة سنة، هذه ثلاثة أقوال.

القول الرابع: أنه سبع سنوات.

فالقول الست هو لبعض فقهاء الحنفية، والسبع أيضاً مثلها، والاثنا عشر لبعض فقهاء الشافعية، ولكن الجمهور على التسع وهو الصحيح والأقوى، والسبب في صحته وقوته: أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة وهي بنت ست سنوات، ونكحها ودخل بها وهي بنت تسع سنوات، فدل على أن التاسعة تتأهل بها المرأة للحيض، وأيضاً دلالة العرف، ولذلك قالوا: قلّ أن تحيض المرأة قبل التسع، وأُثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إذا بلغت الجارية تسع سنوات فهي امرأة)، أي: أنها بالتسع السنوات تتهيأ لكونها امرأة، وأعجل النساء حيضاً اللاتي يكن في المناطق الحارة، ولذلك قال الإمام الشافعي: أعجل من رأيت من النساء في الحيض نساء تهامة، وجدت جدة ابنة تسع عشرة سنة.

أي: تزوجت وهي بنت تسع سنوات، فأنجبت حملها وهي بنت عشر، ثم هذه البنت في التسع سنوات أيضاً تزوجت مثل أمها، وأنجبت وهي على آخر التسع، فتكون أمها على أواخر التسع عشرة سنة، ولذلك يقولون: هذا من أغرب ما يكون في النساء، فالتسع تكاد تكون هي الغالب، والقاعدة: أن النادر لا حكم له، وأن الحكم للغالب، هذا بالنسبة لأقل زمان يمكن للمرأة أن تحيض فيه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>