للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم دخول الحائض المسجد]

السؤال

هل يجوز دخول الحائض المسجد؟ وهل يجوز أن تجلس في الصفا والمروة من الحرم؟

الجواب

أما بالنسبة لدخولها المسجد، فأصح أقوال العلماء أنها لا تدخل؛ لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم المؤمنين عائشة: (ناوليني الخمرة.

قالت: إني حائض، قال: إن حيضتك ليست في يدك) (ناوليني) أي: مُدي يدك إليَّ في المسجد بالخمرة.

(قالت: إني حائض) فدل على أنه كان معروفاً ومعهوداً أن الحائض لا تدخل المسجد؛ إذ لو كانت تدخل المسجد لأنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم كونها تقول: (إني حائض)، فكونها رضي الله عنها تقول: (إني حائض) يدل على أن الحائض ليس مما كان يعرف أنها تدخل المسجد.

وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم على امتناعها دال على أنها لا تدخل المسجد، وإلا كان قال: ادخلي المسجد.

كما قال لـ أبي هريرة: (إن المؤمن لا ينجس) لكنه لم ينكر على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

وقد تكلف بعض العلماء في الجواب على هذا الحديث، فقال: إن قوله: (إن حيضتك ليست في يدك) المراد به: أنك لا تملكين رفعها، فهو عذر ليس بيدك، وهذا مجاز، والحقيقة أن تقول: (ليست في يدك) أي: على الحقيقة، أي: ليست في يدك التي تناوليني بها الخمرة، فظنت عائشة أنها لما منعت من المسجد أن الجزء يأخذ حكم الكل، وهذا من فقهها رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن حيضتك ليست في يدك) أي: إنما منعت من دخول المسجد لما يتعلق بالموضع، والكل له حكم والجزء له حكم، ولذلك ليس اعتراض الجزء كاعتراض الكل، فقد كانت تنام بين يديه معترضة، وتقبض رجلها، وقد نهى عن مرور المرأة بين يدي المصلي، فدلّ على أن الجزء لا يأخذ حكم الكل، فدل هذا على أن الحائض لا تدخل المسجد، ويقوى هذا بما ثبت في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة: (أنها لما خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأصابها الحيض قالت: فانسللت -كما في صحيح مسلم، أي: خرجت من الفراش- فقال صلى الله عليه وسلم: مالكِ؟ -أي ما شأنك وما حالك؟ - أنفست؟ -أي: هل أصابك الحيض؟ - قالت: نعم.

قال: ذاك شيء كتبه الله على بنات آدم، اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) فمنعها من الطواف ولم يمنعها من السعي، والسعي كان خارج المسجد، فدل على أن امتناعها من دخول المسجد أصل مقرر شرعاً، ولذلك لا تدخل المرأة الحائض المسجد، وهو قول جماهير أهل العلم رحمة الله عليهم.

وأما بالنسبة للصفا فالصحيح أنها ليست من المسجد، ولا حرج عليها في جلوسها فيه.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>